الطفولة والمراهقة إلى أين؟
مشاهدة جميع المقابلات
203
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
عزيزي القارئ الكريم، أهلاً وسهلاً بكم في منصة المستشار وفي لقاء يتجدد مع مستشار.
ونسأل الله تعالى أن يبارك في هذه المنصة الطيبة، وبالقائمين عليها، وداعميها، وكل من شارك فيها، وأن ينعم علينا جميعًا بكل الخير والبركات.
لقاءنا مع شخصية مميزة وله حضور مبارك ومميز في كثير من المنصات الإرشادية، وإسهامات مباركة في إثراء المحتوى العربي الإسلامي في مجال الأسرة والتربية والمناشط الاجتماعية.

لقاؤنا مع سعادة المستشار في مجال الأسرة والتربية أ. عدنان بن سلمان الدريويش؛ حيث نناقش أحد الموضوعات التربوية ذات الأهمية الخاصة للأسرة والمجتمع.

1. سعادة المستشار الكريم أ. عدنان الدريويش، هلا تفضلتم بإعطاء القارئ الكريم نبذة مختصرة عن البطاقة الشخصية لشخصكم الكريم؟
نبذة عن المستشار:
عدنان بن سلمان الدريويش، من مواليد محافظة الأحساء، متزوج وعندي ستة من الأبناء والبنات، أعمل مشرفًا تربويًا في إدارة التعليم بالأحساء، عضو مجلس الإدارة بجمعية الرياحين لرعاية الأيتام، وقائد كشفي دولي في جمعية الكشافة العربية السعودية.
المسيرة الأكاديمية وسبب الاختيار:
حصلت على البكالريوس في تخصص اللغة العربية من جامعة الإمام محمد، ثم الدبلوم العالي في الإرشاد الأسري من جامعة الملك فيصل، ثم الماجستير في علم النفس التربوي من جامعة أم درمان في دولة السودان الشقيقة. ولأني منتسب للحركة الكشفية لأكثر من 30 سنة وهي حركة شبابية تعنى بتربية الشباب والفتيان أحببت كثيرًا التعامل والإرشاد في المجال التربوي في الطفولة والمراهقة، وأيضًا بسبب عملي في التعليم كمعلم ثم مشرف نشاط طلابي وهو متعلق بإعداد وتنفيذ برامج طلابية لجميع المراحل كان دافعًا إضافيًا للتخصص في هذا المجال التربوي.

2. سعادة المستشار الكريم أ. عدنان الدريويش، ما التحديات التي تواجهها كمستشار تربوي، وكيف التعامل معها؟
التحديات التي يواجهها كل من تصدى للإرشاد التربوي أو الأسري لا تنتهي ومنها:
• قلة المستشارين المتخصصين في المجال التربوي مما يسبب ضغطًا في استقبال ومتابعة الحالات الإرشادية.
• التربية في نظر غالب المربين وأولياء الأمور من أسهل الأمور التي يتقنها كل شخص، وهذه في حد ذاتها مشكلة عظمى نواجهها عند التعامل مع المستفيدين، لأنهم يتعاملون مع الطفل والمراهق بحسب ثقافتهم وبيئتهم وطريقة تربيتهم، دون الفقه لهذه التربية هل ناجحة أم لا، وبدون معرفة لخصائص النمو والخصائص النفسية لهم، مما يجعل الآباء في تخبط دائم في التعامل مع الطفل والمراهق، وهنا لا تصل الحالة إلينا إلا بعد استفحالها.
• الانزعاج الكبير والمسيطر على الآباء والأمهات من أولادهم بسبب تصرفاتهم السلبية، وهنا يريد الآباء والأمهات منك كمستشار أن تغير هذا الطفل وهذا المراهق دون أن تتغير معاملتهما مع أولادهم، فقط يريدون حقهم من البر دون أن تعطي الرحمة والحب والاحترام لهم.
• إقناع ولي الأمر أن التربية تبدأ منذ الصغر، وأن بناء القيم والأخلاق يحتاج إلى وقت وصبر ومتابعة ومثابرة.
وأنا مثل غيري من المستشارين حتى نواجه مثل هذه التحديات، نحتاج إلى التسلح بالعلم والمعرفة خاصة في التخصص، وإلى الحلم والأناة والصبر ومهارة الإقناع، واستخدام الوسائل التربوية والقياسات العلمية والمتابعة الدورية للحالات، ولا أنسى أن أذكر نفسي وغيري أن التوفيق من الله أولاً وأخيرًا، واحتساب الأجر منه، والإحساس أن هؤلاء الأطفال والمراهقين هم لبنات المجتمع وأن صلاحهم وهدايتهم سبب لصلاح المجتمع وتطور البلاد.

3. سعادة المستشار الكريم أ. عدنان الدريويش، حدثنا قليلاً عن الموازنة بين الوظيفة والإرشاد؟
من توفيق الله علي أن تخصصي في التعليم كمشرف طلابي تربوي، متلائم ومتناغم مع التخصص في الإرشاد الأسري التربوي، لذا تجدني أقدم الدورات والورش التربوية للطلاب والمعلمين عن بناء القيم والتعامل مع المراهقين وحل المشكلات، وأحاول جاهداً عند تنفيذ البرامج الطلابية في المدارس أن تطبق فيها المفاهيم التربوية والعلمية وأن يسودها الأخلاق الحسنة والمعاملة الطيبة والمنافسة الشريفة قبل الفوز والخسارة.

4. سعادة المستشار الكريم أ. عدنان الدريويش، ما النصيحة لمن يجد صعوبة في التعامل مع الصغار والمراهقين، وخاصة حديثي الزواج؟
بداية على ولي الأمر من الرجال والنساء أن ينتبه للتالي:
• أن يكون مستعدًا لاستقبال المولود الجديد، وذلك بالقراءة وحضور الدورات التثقيفية وسماع المقاطع التي تعنى بالتربية منذ الطفولة.
• الحذر من نقل تجارب الآخرين سواء من الأقارب أو الأصدقاء في طريقة التربية، فكل بيت وبيئة لها خصائصها الخاصة، فالذي يصلح عند الغير ليس شرطًا أن يصلح لك، وخاصة من الشخص القاسي والنرجسي والمهمل أو المدلل فهؤلاء سلبياتهم في التربية أكثر من إيجابياتهم.
• استشر أهل التخصص عند حدوث المشكلة، واحذر من المواقع والمنتديات غير المتخصصة.
• الحرص على قراءة السيرة وقصص السلف الصالح وطريقة تربيتهم لأولادهم، وأن تكون من الكتب التربوية المعتمدة، حتى تكون لك نبراسًا وقدوة صالحة.
أما التعامل مع الأبناء والبنات:
• إشباع الأولاد من الحب والاحترام، والحرص على العبادات وبناء القيم والأخلاق بطريقة سلسة منذ الصغر، يجعل الأولاد يعتادون عليها عند الكبر.
• أخيرًا لابد من معرفة أن الهداية والتوفيق والبركة من الله، فمهما بلغنا من العلم والمعرفة فهذا لا يجعلنا نبتعد عن الله في التربية، وأن نحرص على الدعاء الصالح لهم وتعويدهم على الطاعات واحترام الآخرين والبعد عن المعاصي.

5. سعادة المستشار الكريم أ. عدنان الدريويش، ما تأثير التقنية ووسائل التواصل على الأبناء والبنات وعلاقتهم مع الأسرة؟
مع اتفاق الجميع على أهمية التقنية في تطور المجتمع وصناعة المتعة وإيصال التعليم بسهولة ويسر، إلا أن لها أثرًا سلبيًا على الأطفال والمراهقين من ناحية طريقة التفكير والإدراك ونمو العقل وتطوره، ولذا على ولي الأمر أن يحذر من إفراط أولاده في استخدام الأجهزة الإلكترونية، لأنها ستكون طريقًا إلى تقليل الروابط العاطفية والاجتماعية بين الأولاد وأسرهم، وكذلك تسبب زيادة نسبة الدهون في أجسامهم بسبب قلة الحركة وكثرة الأكل، ومن آثارها قلة النوم والتعرف على أفكار وعقائد وسلوكيات منحرفة، وأخيرًا الحذر من الألعاب القاتلة والتي تعلم الأطفال والمراهقين أساليب القتل والإدمان ومخالفة القانون وكره المجتمع.

6. سعادة المستشار الكريم أ. عدنان الدريويش، بلا شك أنكم قد مررتم - وأثناء مسيرتكم في الإرشاد التربوي والأسري - ببعض المواقف المؤثرة! هل تفضلتم الحديث عن أبرزها تأثيرًا؟
المواقف كثيرة ... واذكر على سبيل المثال: أحد الشباب المراهقين جاء إلى المركز يشتكي والده من قسوته وتعنيفه وضربه بسبب مستواه الدراسي، علمًا أن مستواه الدراسي ممتاز ولا يقل عن 90%، وقد هدده والده إن حصل على درجة أقل من 97% بالعقوبة القاسية، ولأنه حصل على 95% خاف الشاب منه وهرب من البيت مدة يومين، ينام بجانب المسجد حتى وصل إلينا وهو يسأل ماذا يصنع؟ وعند جلوسي معي اكتشفت أن الشاب محترم جدًا وبارًا بوالديه، ولله الحمد بعد التدخل تم إصلاح المشكلة، لكن الذي أثر فيني تعامل الأب بهذا الجفاء مع ابنه الصالح، ألا يخاف من الله أن ينقلب حال الابن ويتعرف على صحبة سوء تكون دمارًا عليه وعلى والديه وعلى المجتمع.

7. سعادة المستشار الكريم أ. عدنان الدريويش، ما أبرز القضايا النفسية عند الأبناء والبنات؟
هناك قضايا كثيرة يعاني منها الأبناء والبنات ومن أبرزها: الشعور بعدم الأمان من الوالدين خاصة من الأب القاسي والجافي والمتسلط والذي لا يضع سوطه وعصاه من يده، وكذلك من الأم ذات الصوت العالي والحنانة والمنتقدة والتي لا تلمح على ابنها خطأ إلا عيرته واستهزأت به وأحرجته بين إخوته وعند الآخرين، مما يجعل الشاب والفتاة يشعرون بالحرمان من العاطفة والحب من قبل الوالدين، فتكون سببًا في البحث عنها خارج البيت ولو كانت عند أصحاب السوء، ومن القضايا الشعور بنقص الشخصية وعدم الثقة بالنفس والخوف من مواجهة الآخرين، فتجده منطويًا على نفسه وقد أغلق باب داره ضد الأسرة والمجتمع، ولا يعرف صديقًا إلا الجوال والأجهزة الإلكترونية، ومن القضايا إدمان الألعاب الإلكترونية حتى أصبح الأبناء والبنات يقل إدراكهم وتركيزهم وتضعف عقولهم، مما أثر على صحتهم وأبصارهم وجعلهم انطوائيين على أنفسهم، تضيع أوقاتهم بالساعات الطوال بين لعبة وأخرى لا هدف يرجونه إلا المتعة والتنافس القاتل.

8. سعادة المستشار الكريم أ. عدنان الدريويش، كيف تساهم المؤلفات، وما الرسالة التربوية؟
الذي يمارس الإرشاد يشعر بالألم الذي تعيشه الأسر، لأنه يوميًا يتقلب بين مأساة فلان وألم ومعاناة فلانة، لذا خرجت المؤلفات من رحم المعاناة التي أعيشها وأسمعها من الناس، فعلى سبيل المثال كتاب "الأسرة المباركة" وجدت أن غالب الأسر والتي تتقلب في المشاكل بعيدة عن البركة والتوفيق والهداية، لذا أحببت أن أوصل لهم رسالة، كيف يجدون البركة والتوفيق من الله؟ مما جعلني اجمع أبرز الآيات والأحاديث ومواقف السلف الصالح والتي تتحدث عن البركة، لعلها تكون مفتاح خير للوالدين وللشباب والفتيات، وللرجوع إلى الله سبحانه، وكتابي الثاني "أولادنا وبناء القيم" جمعت فيه أبرز المشاكل التي يقع فيها الأطفال والتي تعاني منها الأسر ثم وضعت العلاج بما فتح الله علي، ثم أفردت بابًا كاملاً لطريقة بناء القيم في الأنشطة الأسرية، والهدف منه أن نحرص كآباء وأمهات ومربين على بناء القيم والأخلاق الحسنة في أولادنا، فإننا بإذن الله إذا عملنا ذلك سنصنع شبابًا وفتيات تملأ قلوبهم الرحمة والحب والثقة والاحترام لأنفسهم ولأسرهم وللوطن والمجتمع، ومن الكتب "افهمني يا أبي"، "صناعة القوانين الأسرية"، "موسوعة الشبل الثقافية" ..... وغيرها.

9. سعادة المستشار الكريم أ. عدنان الدريويش، كيف هي رؤيتكم لمستقبل الإرشاد الأسري، وما هي فرص تحسين هذا المجال من وجهة نظركم؟
بدأ الإرشاد الأسري في السعودية من قبل 20 سنة وكان على استحياء ولا يمارسه إلا القليل من المتخصصين، أما الآن فبتوفيق من الله ثم بدعم من الدولة حفظها الله أصبح في كل منطقة ومحافظة مركزًا للإرشاد الأسري، وهذا يدل دلالة على أهمية الإرشاد في حياة الأسر، بل كان سابقًا يستحي الرجل والمرأة من ذكر عيوبهم ومعاناتهم أما الآن فالحالات في ازدياد وقد نستقبل في اليوم الواحد أكثر من 50 حالة وهذا في مركز واحد فقط، فما ظنك بجميع المراكز، وهذا مؤشر قوي على وعي المجتمع وأن الإرشاد أصبح له أثره في إصلاح المجتمع، إلا أننا لا زلنا بحاجة إلى التخصص أكثر في مجالات الإرشاد، وكذا محتاجون إلى تعاون الجامعات والمتخصصين مع المستشارين والمستشارات من أجل الارتقاء بالخدمة وتطوير العاملين وليست المنافسة ومحاولة إبعاد الآخر، ونحن أيضًا محتاجون إلى تسهيل إصدار الرخصة المهنية للمستشارين والمستشارات مع ضرورة أن لا يحصل عليها إلا من يستحقها بعد اجتياز ضوابطها، وليس تعقيدها عليهم، لأن الضرر ليس على المرشد وإنما سيكون على المجتمع.

10. سعادة المستشار الكريم أ. عدنان الدريويش، رسالة لمن يبحث عن الاستشارة؟
كنت في إحدى جلسات الصلح وأنا أستمع إلى امرأة تعاني من زوجها ومن قسوته عليها وعلى أولادها لأكثر من 15 سنة، وعندما سألتها لماذا لم تتواصلي مع مركز الإرشاد عندنا، كانت الإجابة صادمة أنها أول مرة تسمع عنه مع أنها متعلمة وموظفة، فرسالتي إلى أفراد المجتمع، أقول أن الدولة حفظها الله يسرت فتح هذه المراكز حتى تقدم العون والمساعدة لكم وحتى تكون بلسماً شافياً على صدوركم، فلا تترددوا بالتواصل معها، واعلموا أنها تحرص كثيرًا على السرية والمهنية ومعالجة المشكلة والعمل على التآلف بين أفراد الأسرة، أسأل الله أن يوفق خادم الحرمين وولي عهده وجميع المسؤولين على دعمهم لمراكز الإرشاد وحرصهم على المجتمع، وأثني بالدعاء للقائمين عليها والعاملين فيها، وأشكركم أنتم في موقع المستشار على هذه الزاوية وأسأل الله أن يوفقكم ويسدد خطاكم، وصلى الله على سيدنا محمد.

وختامًا ينتهي حوارنا هذا الماتع والثري بالمعلومات المهمة.. بأجمل باقات الشكر والتقدير لسعادة المستشار الكريم أ. عدنان الدريويش، على تفضله قبول هذه الدعوة، ونسأل الله تعالى أن ينفع به وبعلمه البلاد والعباد.

وتقبلوا كل التحيات.
تقييم اللقاء
مشاركة اللقاء
تعليقات حول الموضوع

مقال المشرف

«الطلاق».. والأبعاد الخفية

«ولولا أنَّ الحاجة داعيةٌ إلى الطلاق لكان الدليل يقتضي تحريمه كما دلَّت عليه الآثار والأصول، ولكنّ ....

شاركنا الرأي

للتنمر آثار سلبية على صحة الطفل وسلامه النفسي والعاطفي. نسعد بمشاركتنا رأيك حول هذا الموضوع المهم.

استطلاع رأي

رأيك يهمنا: أيهما تفضل الإستشارة المكتوبة أم الهاتفية ؟

المراسلات