الرد على الاستشارة:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الأخ د. محمود -حفظكم الله وبارك فيكم-، إننا نقدر قلقكم و اهتمامكم بالشاب ابنكم ، و نطمئنكم أنه سيكون بخير -بإذن الله- ، ونسأله سبحانه أن يحفظه ويوفقه وإياكم إلى كل خير ..اللهم آمين .
✅ الحالة كما نراها "مبدئيا " أقرب إلى وجود أعراض : ( اضطراب التوافق أو التكيف Adjustment Disorder ) ، اتضحت أكثر بعد "الشعور بالإحباط" أو "الانزعاج كما وصفه" بعد حصوله على درجة أقل من "توقعاته" أو أقل من أخته و زملائِه ..ظهرت أعراض هذا الاضطراب بلون أو نكهة "اكتئاب وقلق" خفيف إلى متوسط .. فكان" التكيف السلبي" باللجوء إلى قضاء معظم وقته في غرفته يشاهد الإنترنت ، أو القراءة ربما ليست بالطريقة الصحيحة أي بملل وعشوائية وعدم تركيز ، متشتتا عن الهدف الأساسي لتطوير العادات الدراسية بشكل أفضل ، بدى و كأن لديه اضطراب تشتت الانتباه ADD ، (مبتعدا عن برنامجه السابق حيث التفاعل مع أصدقائه ورغبته للتميز الدراسي ) .. وبالتالي تأثر أداؤه الأكاديمي _ كما وصفتم _ لكن الفارس قد يتعثر أو يقع ، لكن ينهض من جديد ... فما رأيكم أن نصنع من الليمون الحامض شرابا حلوا -بإذن الله تعالى- .
✅ فعندما يصاب الإنسان بمصائب يسيرة إلى متوسطة ( ليست الشديدة جدا كحالات الكرب ما بعد الصدمة PTSD فذلك موضوع آخر ) ، كأن تعتريه بعض ظروف الحياة من رسوب في دراسة أو وظيفة أو فشل في علاقات كالصداقة أو غيرها ... يصاب "بعض" الناس عادة بما يسمى ✨ (اضطراب" التوافق أو التكيف) Adjustment Disorder : وهو مجموعة أعراض تظهر عند الإنسان قد تكون بنكهة قلق أو نكهة كآبة، ( ليست مرض القلق ولا مرض الكآبة) ، ولكن اضطراب توافق يجعل الإنسان ليس في مزاجه المعتاد ، لكن مع نكهة من القلق، أو نكهة من الكآبة، أو خليط من ( الكآبة والقلق ) .. كل هذه أنواع لاضطراب التكيف..
⬅️ يعتمد ذلك على "طبيعة تفكيره" في أيامه الطبيعية : فإن كانت طبيعة تفكيره تميل إلى الجانب "القلق" في أيامه العادية ، لربما كان الأثر الأميل إلى القلق ... وإن كانت تميل إلى" الإحباط " في تعامله مع الأمور ، لربما ظهر "اضطراب التكيف" بنكهة الاكتئاب.. والذي طبيعة تفكيره في أيامه العادية كانت تميل إلى تناول الأمور بكلتا النكهتين ( القلق والكآبة) ، ربما ظهر الأمران معا .
✅ و لربما أيضا ظهر بأشكال مختلفة.. من خلال " اضطراب في السلوك عند الإنسان" .. على سبيل المثال : أحد طلاب الثانوية رسب في دراسته، فيبدأ يدخن .. ينفعل أهله :" يا ولد يا قليل الأدب رسوب ودخان " !! ⬅️ لا يا إخوة ليس هكذا إدارة الحالة .. كونوا جميعاً ضد المشكلة بدلاً أن تكونوا ضد بعضكم البعض.. رغم انزعاجنا لكن لنتفهم الحالة جيدا خاصة في هذه المرحلة العمرية والظروف المتغيرة ... فالتدخين "في هذه الحالة" ، (عرض لحالة مرضية ) أو ( تأقلم أو تكيف سلبي ) ، كان الأولى أن تعالج أصل الحالة المرضية حتى تستطيع أن تقرر هل هذا سلوك خاطئ مستقل مرتبط بأخلاق ومبادئ ، أو سلوك خاطئ مرتبط بحالة نفسية، فعلاج ذلك يختلف ، الأول يكون بالحزم والتربية، والثاني بمهارات العلاج النفسي بأشكالها المختلفة..
✅ العلاج :
عن طريق جلسات العلاج النفسي ( العلاج المساند أو التدعيمي supportive psychotherapy ) ، وهناك طرق أخرى للعلاج كالعلاج المعرفي وربما العلاج السلوكي في بعض الأحيان، حسب " نوع ذلك الاضطراب في التكيف" ، نختار نوع العلاج بهذه الطريقة أو تلك..
✅ الوقاية من اضطراب التكيف :
بتنمية المهارات الحياتية Life Skills وتنمية المهارات الشخصية : كلما ارتفعت ✨مهارات ( إدارة الضغوط، ضبط الانفعالات، إدارة الغضب، حل المشكلات، التواصل الفعال مع الآخرين ).. ✨كلما ارتفعت الوقاية عندي من مصائب الحياة أو كانت الحساسية عندي أقل، و كلما كانت الموضوعية لا الشخصانية هي الأعلى و الأكثر قيمة ومعنى عندي، فألجأ إلى الموضوعية وأكره الشخصانية.. ذلك لأنها أصبحت ذات قيمة، فإذا جاءت مصائب الحياة ⬅️✨رجعت إلى مهاراتي ولم أرجع إلى انفعالاتي ✨
✨ أهمية ( التنفيس الانفعالي Catharsis ) ، أو التعبير عن المشاعر والمخاوف بأسلوب صحي راقي للأهل أو المختصين الحكماء الثقات، وعدم كتمانها .
🌾من العلاجات النفسية المفيدة _طبعا حسب تشخيص الحالة وحسب الحاجة_ تقنيات من " العلاج المعرفي السلوكي CBT" ، لتصحيح المفاهيم الخاطئة ،و يقدم الفريق المعالج معلومات عن هذه الأعراض وكيفية التعامل معها و تعلم مهارات ضرورية للحياة وتطوير الشخصية مثل : " الثقة بالنفس وتقدير الذات ، إدارة التوتر Stress Management ، فن التواصل ، وإدارة المشاعر، مهارة حل المشكلات ، ومهارات التأقلم، و إدارة الضغوط، ومهارات التفكير الإيجابي واتخاذ القرار الصائب، وتعديلات على نمط الحياة" ، مثل : " الانتباه إلى النظام الغذائي وممارسة الرياضة المناسبة "، وسائل صحية للتغلب على المشاعر السلبية من خلال: " تمارين الاسترخاء الذهني و العضلي والتنفس العميق"... مع ضرورة الالتزام بتعليماتهم و اطلاعهم على أي تقدم يحصل أولا بأول 🌾
⬅️ هناك مبادئ نفسية تقول: ( ما تمارسه يوميًا ستتقنه بكفاءة، عندما تمارس القلق ستقلق لأتفه الأمور، وعندما تمارس الغضب ستغضب دون سبب، لذا ؛ مارس الطمأنينة لتتقن السكينة، ومارس التفاؤل والأمل لتتقن راحة البال، ومارس الثقة وحسن الظن بالله في حياتك تنعم بالسعادة والأمان ) .
🌴 ( العلاج بالمعنى ) : إعادة صياغة ، و إعطاء معنى إيجابي جديد وأجمل للحياة : فالحياة رحلة وأحلى ما فيها أن يعرف الإنسان ذاته و يطورها ، ليكون على قدر المسؤولية تجاه خالقه يستمد القوة منه سبحانه : ( إياك نعبد و إياك نستعين ) ، و يستثمر طاقاته ونقاط قوته في ميادين الخير الكثيرة ( بعيدا عن خطوات خاطئة "التأقلم السلبي كالانعزالية " الذي يزيد من المشكلة)، بل سعيا و اجتهادا و استعدادا للمضي _رغم التحديات _ بحكمة ونشاط وحيوية في طريق الخير .
🌾 ( المرونة النفسية ) : مرونة ذهنية وتفكير ملائم جديد غير المعتاد عليه : النظر بإيجابية للأمور من زاوية مختلفة " كالتركيز على أن بعد العسر يسرا ..و الاتفاق على برنامج متنوع للقيام بأنشطة مفيدة مع الأهل والأصدقاء في جو من مدخلات البهجة والسرور وتطويل مدتها ، فيتلاشى أي فراغ عاطفي ، وتتكون صورة ذهنية أفضل للاستفادة من الفرص والبدائل المنافسة .. فيتحقق "التوازن النفسي " -بإذن الله تعالى.- .
✅✨( فالتأقلم أو التكيف مهارة نفسية ) تعكس "ردود أفعال" كل شخص : أسلوبه في التفكير ومستوى إدراكه " للواقع " ومدى تقديره الشخصي للعواقب ..
✅ المحافظة على برنامج يومي ينظم الحياة حيث الفاعلية والإنتاجية ؛ فيتلاشى القلق و التشتت و التوتر الناتج عن الفراغ أو التأقلم السلبي بجميع أشكاله.
✅ " استبصار Insight " الفرد لما لديه من "نقاط القوة" من مواهب وقدرات والسعي لتطويرها ، هو الداعم النفسي الأول لتدبير أموره الحياتية بحكمة و روية ، تحقق له الأهداف المرجوة .
✨" الأزمة الحقيقية " لا تتمثل في نوع الضغط النفسي وشدته ، ( و إنما تتمثل في " الاستسلام " لمشاعر " الإحباط" و لوم الذات و الظروف" مما يشكل " دائرة من الصراع "، تبدد طاقات الإنسان الفكرية والنفسية " والشعور بالوهن النفسي "، فيفقده القدرة على مواصلة الحياة بطمأنينة .
✨ التركيز على" المشكلة و تشويه الحقائق: كالمبالغة في المشكلة " دون الاهتمام بحلها ".. يحدث تعقيدا و صراعا مستمرا ( لأنه ينظر لذاته نظرة العاجز عن خوض مشاكل الحياة " لعدم رؤيته لنقاط قوته من مهارات و قدرات تمكنه من ضبط انفعالاته واستثمار معارفه) .
✅✨ الوسطية و الاعتدال في "التوقعات": من الطبيعي أن لا تحقق كل ما تريد و تواجهك الصعوبات ؛ لذا ؛ من الضروري وجود " وسائل مساندة " لتحسين وسائل تواصلك مع متغيرات الحياة .
✅ " العاقل الناضج " من يسارع لمعالجة ذاته من المماطلة ، ويسارع للتدرب على تقنيات نفسية مثل : 🌾" المواجهة الحكيمة " Exposure 🌾بالخيال ثم بالواقع ويفضل بإشراف المختصين " لما يصادفه من مواقف تستثير قلقه و مخاوفه.. وشيئا فشيئا تزول الحساسية وينخفض مستوى سلم القلق -بإذن الله تعالى- ، وتفيد في ذلك تمارين الاسترخاء كالتنفس العميق .. وتقنيات مفيدة مثل :" اليقظة الذهنية Mindfulness أو هنا والآن Here and Now"، حيث إعادة التركيز على اللحظة الحالية ليعود التفكير إلى المكان الآمن واللحظة الآمنة الجميلة التي أنت فيها حيث نعم الله لا تعد ولا تحصى .
✅ النظر لمواقف" الإحباط" على " أنها محكات وخبرات ".. تطور ردود الأفعال و تستنهض ما لدى الإنسان من أفكار وخطط بناءة لإدارة حياته بشكل أفضل .
✅ برمجة أفكارنا ومشاعرنا بشكل إيجابي ستنعكس إيجابا في توجيه سلوكنا وتجاوز مخاوفنا باختلاف أنواعها .
✅ تفيد أيضا "الاستشارة الأكاديمية في ذلك المنهج "، لتطوير طرق التحصيل الدراسي والتغلب على أي صعوبات ..مع أهمية المتابعة والتقييم لمستوى التقدم الحاصل .
دمتم سالمين بحفظ الله ورعايته اللهم آمين.