خيال يؤرقني
102
الاستشارة:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 

أنا فتاة عمري ١٦

قبل ٣ سنوات أو ما يقاربها، بدأت أتخيّل شخصيّات خيالية وأبني لهم قصص وحيوات وأتعمّق في أدق تفاصيلهم وأكبرها، وأظل أفكر فيهم طوال اليوم ولساعات مستمرّة، كان الأمر بالبداية قاصرًا عليّ ولهدف تضييع الوقت، ولكن بعد مدّة صرت أتفاعل مع هذه التخيّلات بطريقة غير سويّة بتاتًا، صرت أفتّش عن مواقع المحادثات العشوائية (Anonymous chat) وأبدأ أتقمّص هذه الشّخصيات وأتفاعل مع الغرباء وكأني هذه الشخصيات التي اخترعتها، وقضيت في هذا ساعات طوال والله، حتى تعمّقت علاقتي مع بعض البشر خارج هذه  المحادثات وصرت أكلمهم خارجها بشكل مستمرّ على امتداد سنتين، كلٌ حسب الشخصيّة التي كانت معه ابتداءً.

ما كنت أعي مقدار الخطأ الذي أقحمت نفسي فيه. بعد مضي السنتان هذه رحمني الله، وظهرت علي مظاهر الالتزام وقرّبني الله منه فعزمت على تركهم كلّهم، الشخصيات الذين كانوا في ذلك الزمان ٤، وأيضًا من ارتبط بهم من البشر، ولكن ولتعلّقي بهم؛ ما استطعت أتركهم جملةً واحدة فكان هذا على التدريج، جلّهم كان بالاختفاء دون التبربر إلا واحدة كنت قد اعترفت لها بكذبي وما زلت أتواصل معها.

لمّا خلوت منهم، حذفت من جهازي كل ما قد يذكرني بشخصياتي وبمن ارتبط بهم من الناس، والآن رغم مضيّ ما يفوق السنة أو حتى يتعداها عن هذه الخطوة إلا أنهم لا يزالون يقاسمونني حياتي؛ فأتذكرهم في كل سكنةٍ وحدث، قد أستاء لسعادتي لأنها ذكرتني بهم، وقد أكره حزني كرها مضاعفًا لأنهم فيه!، هم يداهمون عقلي ويشتتوتني ولا يسعني نسيانهم بتاتا.

لمّا أفكّر في أسباب لهذا الإشكال لا أجد، فأنا لست فارغة، وخططي مليئة بالأهداف وأنا قد  وجدت ما أستمدّ منه قيمتي وأسعى له بالفعل، وأكاد لا أجد وقتًا فارغًا في جدولي أساسا.

ولا أحسبني ضعيفة الثقة بنفسي رغم أن هذا كان في تلك السنوات، والفراغ كان موجود أيضًا في تلك السنين، الأسباب المولدة للإشكال اختفت، ولكن أثر الإشكال المتولد منها باقٍ أثره مستعصٍ عليَّ نبذه.

هم فقط ممارستين، تنسيني إياهم وتغفلني عنهم للحظات: القراءة والسماع، لمّا أستمع إلى محاضرة أو أمر محتاج تركيز شديد، سوى ذلك عقلي في استذكار  مستمرّ لهم ولمن ارتبط بهم وللأسف ليس حلًا منطقيًا أني أقرأ وأستمع ٢٤ ساعة!

من فترة قريبة قرأت عن Maladaptive daydreaming أو أحلام اليقظة المفرطة، ما صُنف كاضطراب لكن أعراضه مطابقة لي تماما كالهمس وتغير تعبيرات الوجه بدون وجود داعي محسوس، وممكن أمشي لدقائق وأنا أفكر  في الغرفة بدون وعي بالوقت وأنا أهمس وأعبّر بوجهي. 

ما أتصور نفسي بتاتا بعد مضيّ سنوات أطول من ما مضى وأنا لا زلت أدور في نفس الفلك وأعيش نفس الأفكار، وأتذكر نفس الأشخاص والخيالات، أمقت هذه الفكرة وأخشاها جدًا.

المعذرة إن كنت أطلت وفصّلت زيادةً عما يلزم، لكني حقيقةً محتاجة لأيّ شيء قد يعينني في تخطي هذا، فأرجو ألّا تكتموا عنّي علمًا، أسأل الله أن يفتح عليكم ويشكر لكم سعيكم.

مشاركة الاستشارة
17, سبتمسائاًبر, 2024 ,09:45 مسائاً
الرد على الاستشارة:

أهلاً ومرحباً بك في موقع المستشار .

هدئي من روعك و اسمعيني جيداً لنصل -سوياً- إلى حل وتفسير وتوضيح لما تمرين به :

هذا العمر الجميل الذي تمرين به وهو عمر المراهقة، يكثر فيه " اضطراب الشخصية ", مع عدم القدرة الكافية على اتخاذ القرارات ، وهذا لعدم وجود الخبرات الحياتية الكافية لديك، فلا تضخمي هذا الأمر أو تقللي من شأنك أو أن تظني أنه ليس لديك ثقة بالنفس، فهذا العمر هو كتلة من المشاعر والحساسية الزائدة ومزيج من الخجل والخوف والقلق عند اتخاذ القرار السليم، لذلك عليك التدرب على اتخاذ القرار والأهم من اتخاذ القرار هو تحمل نتيجة قرارك والتعلم من أخطائك ليكون لديك رصيد من التجارب والخبرة.

وهذه المرحلة يحصل فيها متغيرات نفسية ومتغيرات هرمونية جسدية ينتج عنها مشاعر وأحاسيس مرهفة و مرهقة وفرحة يعني مزيج من تقلبات المزاج ،وأيضا هي مرحلة بناء النفس وتكوين الشخصية، والحالة النفسية التي تمرين بها والأعراض متوقعة في مثل سنك، وهذه مرحلة عارضة وسوف تسير الأمور على أفضل حال، ولكن يجب عليك القراءة والتثقيف الجيد لهذه المرحلة العمرية لتفهم مشاعرك وكيفية تجنب ردود الانفعالات السلبية  والتركيز على أهمية التفكير الإيجابي وتنظيم يومك و نومك لتجاوز هذه المرحلة بسلام دون أعراض نفسية جسدية قد تؤثر على مستقبلك العلمي والمهني...

لذا ؛ يجب عليك محاربة هذا الشعور السلبي و أن تحبي نفسك ولا تقللي من قيمة ذاتك وقدراتك، فجميع المراهقين يعانون من نفس الأعراض والفرق هو الوعي وعدم الاستسلام لهذه العوارض والأفكار السلبية و النظرة التشاؤمية..

أود أن أخبرك أيضا أن أحلام اليقظة تعد أمرا طبيعيا في عمرك و ستختفي تدريجيا مع العمر، وهي تعتبر متنفسا للرغبات المكبوتة ، وترجع أسبابها إلى رغبة المراهق في واقع غير الذي يعيش فيه إما بسبب أن الواقع الذي يعيش فيه يعاني من حرمان عاطفي ولا يحظى باهتمام ورعاية كما يجب أو لأنه يتمكن ويستمتع من خلال التخيل أن يحقق ما لا يتمكن من أن يحققه في الواقع..

ومما يبدو أنها استحوذت على خيالك  و أعطتك شعورا بالرضى على مدى 3 سنوات كما ذكرت مما أبعدك عن التكيف مع محيطك الواقعي وبناء علاقات مع صديقات بعيدا عن مواقع التواصل الاجتماعي، لم تخبرينا عن علاقتك بوالديك؟ أو هل لديك إخوة وأخوات!!

كثيرا ما يمر المراهقون في هذه المرحلة العمرية بصدامات و مشاحنات مع الأهل والصديقات و الأقرباء، كما أنه من حقك أن تعبري عن رأيك وتقولين  كلمة : "لا" عندما لا يناسبك ، لذا ؛ عليك أن تتعلمي فن الحوار للوصول إلى الهدوء النفسي وإلى ما ترغبين به، و للحوار آداب لا بد من اتباعها مع الجميع و أهمها: ( الإنصات، والتواصل البصري، واحترام وتقبل الرأي الآخر، وعدم مقاطعة الآخرين ، و التأني في ردود الأفعال أو إصدار الأحكام ، ولا تنسي أهمية الابتسامة فهي جمال وسحر...).

أنت في سن العطاء والشغف، فلماذا لا تكوني عنصراً فعالاً في مجتمعك؟  وذلك من خلال  المشاركة في الأنشطة الترفيهية التطوعية التي تقدمها مدرستك، فهذا يصقل شخصيتك و يقويها ويزيد من ثقتك بنفسك، وينمي مهاراتك الحياتية والاجتماعية.

و أيضاً أنصحك ب :

*بر الوالدين ومساعدة الأم في الأعمال المنزلية، والتقرب من من إخوانك بالابتسامة، وعرض المساعدة إن احتاجوا لذلك والعكس صحيح.

*اختاري صديقة مقربة إلى قلبك و أخبريها الأمور التي تزعجك في حياتك وهذا يسمى "عملية تفريغ" ، تساعدك على الشعور بالراحة النفسية.

*لا تنسي أنك في عمر الزهور فاجعلي أيامك كلها مليئة بالورود والابتسامات والأمل.

*التركيز بكل حب في دراستك  لتكوني فتاة مثقفة و واعية ومميزة  في المجتمع..

*أهمية الحركة في حياتك للتخفيف من اللجوء إلى القراءة والاستماع 24 ساعة  للهروب من التفكير بالآخرين ..كما ذكرت لأن هذا يعتبر إرهاقا ذهنيا واستنزاف طاقة واحتراق نفسي دون  الوصول إلى الفائدة المرجوة، لذا ؛ اختاري أي نوع من أنواع الرياضة مثل: " النط على الحبل، المشي السريع ، السباحة...." .

*ولا تنسي الاهتمام بتناول الطعام الصحي وممارسة أي نشاط رياضي، فهذه الأمور تعتبر من الروتين الثابت في العناية بالصحة النفسية والجسدية معاً ولهما تأثير على البشرة والشعر أيضاً.

يمكنك معاودة الكتابة إلينا أو التواصل مباشرة مع موقع المستشار لمتابعة حالتك وللحصول على الدعم النفسي على هاتفنا الاستشاري: 920000900

مع تمنياتي لك بمستقبل أكاديمي زاهر و مُشرق .

مقال المشرف

الوطن هو الأب الثاني لكل إنسان

الوطن هو الأب الثاني لكل إنسان، هو أمه الأخرى التي ربته ورعته وحرسته بالرجاء والأمل، هو السياج الآمن ....

شاركنا الرأي

للتنمر آثار سلبية على صحة الطفل وسلامه النفسي والعاطفي. نسعد بمشاركتنا رأيك حول هذا الموضوع المهم.

استطلاع رأي

رأيك يهمنا: أيهما تفضل الإستشارة المكتوبة أم الهاتفية ؟

المراسلات