الاستشارة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عمري ٣٣ سنة، متزوج من قريبتي منذ ١٢ سنة وهي تكبرني بسنتين.. عشت طفولة أليمة كنت فيها منبوذا معنفا من أسرتي رغم أنني من المتفوقين حفظة القرآن الكريم (أحفظه منذ عمر ٩ سنوات حتى اليوم)، وبغض النظر عن دوافع هذا التعنيف والعنف الأسري فقد سبب لي صدمات وعقد نفسية بالغة الألم والأثر لا زلت أعاني منها حتى اليوم.. كانت مشيئة الله أن تكون قريبتي هي اختيار أسرتي، أو بمعنى أدق: فرضت علي أسرتي الزواج من قريبتي (وقد كان ذلك في صالحي لأن هذه القريبة هي نفسها التي كنت ولا زلت حتى اليوم أحبها وأتمناها)..
بعد زواجي بأشهر قليلة حملت زوجتي، ورزقنا الله بطفلين هما اليوم في جوار ربهما.. عاش كل طفل من الطفلين ٣ سنوات ونصف تقريبا وكان مجموع السنوات الطفلين ٥ سنوات (بعض التداخل) وذلك بسبب مرض وراثي في العائلة (الضمور العضلي الشوكي من النوع الأول).. تم تشخيص الأولاد في عمر مبكر جدا ونتيجة لذلك كنا ننتظر موتهم لسنوات، ولا يخفى عليكم ما تمثله هذه التجربة من استنزاف للطاقة والمشاعر، خصوصا وقد صاحبها خذلان وشماتة واستهانة من أهلي لا أطيق تذكرها ولا تحمل الكلام عنها، لدرجة أنني كنت أتعاطى مضادات الاكتئاب - بأمر الطبيب - لمدة خمس سنوات تقريبا.
بعد وفاة الولد الثاني حاولت أن أدفع زوجتي ناحية التعافي من اضطراب ما بعد الصدمة، فقد كانت شخصيتها حادة جدا وهذا طبيعي.. حاولت أن أخلق لها دائرة اجتماعية لأتجنب الشعور بالذنب نتيجة وحدتها خصوصا أننا مصريون نعيش في بلد خليجي.. حاولت أن أشجعها على العمل لا للمال ولكن للتسلية.. ولكن لم تفلح كل محاولاتي في علاجها وتمكن مني الشعور بالذنب تجاه عجزي.. حاولنا أن ننجب بطريقة الاختيار الجيني (نوع خاص من الحقن المجهري) وقد كانت تجربة مريرة لمدة تقارب السنة وانتهت بموت كل الأجنة التي تم تلقيحها دفعة واحدة، والحمد لله على قضائه.
انا شاب لي شخصية وفكر مختلفان عنها، دخلنا حياتنا الزوجية على أمل أن نتقارب، لكن بعد تجربتنا المريرة أصبحنا نتباعد كفكر وشخصية حتى وإن كان الحب قويا.
منذ فترة قريبة، ظهرت في حياتي زميلة أحسست بشيء من الانجذاب إليها، لا لمظهرها وإنما لما رأيته من روحها وشخصيتها.. ومنذ تلك اللحظة اشتعلت في داخلي النار التي تحت الرماد، التي فحواها أن عمري يضيع في الروتين وأنني أرى حياتي بعد عشر سنوات أو خمس عشرة سنة بلا أفق واضح، ومن هذا القبيل. فكرت بعقلي أن الزميلة قد - أقول قد - تكون مشروع زوجة ثانية، لكن سواء قبلت الزميلة أو رفضت فالأسئلة قد حضرت والرغبة في التغيير قد قامت في داخلي وكانت ستقوم يوما ما.
أنا كتاب مفتوح لزوجتي، ولكن هذه المرة هي استنتجت أنني "متعلق" بزميلتي (في حين أن الشعور داخلي ليس عن الزميلة وإنما عن تغيير الحياة عموما، والزميلة هي مجرد محفز للتفاعل يمكن إخراجه من المعادلة وسيبقى التفاعل قائما).. وتستطيعون أن تتخيلوا ماذا كان رد فعل زوجة محبة لزوجها الذي أنجبت منه طفلين وماتا، وهو اليوم - بنظرها - متعلق بأخرى.
هذه قصتي باختصار، وفيها تفاصيل تنوء بحملها الجبال.
أسئلتي هي:
أولا: أليس من حقي أن أنظر لنفسي وأتذكر حقها علي في زحام الحياة؟ أبي وإخوتي وزوجتي كلهم يحبونني لأنهم يظنون أنهم يمتلكونني.. لا أحد يفكر فيما أريده أو فيما أرغب فيه.. هل مطلوب مني أن أبذل وأضحي وحسب؟ هل مطلوب أن أتغير وأضحي بطموحاتي وأحلامي وعاداتي لأجل أب أو زوجة؟ أنا مسؤول عن زوجتي ولا تسمح لي مبادئي ولا أخلاقي أن أظلمها، لكن أين حظ نفسي؟ أليست الحياة مشاركة؟
ثانيا: بعض الناس أشار علي أن أرضى بقضاء الله وأكمل حياتي مع زوجتي كما هي - وهذا حل يستنزف من طاقتي -.. بعض الناس نصحني أن أطلق زوجتي وأمنحها وأمنح نفسي فرصة حياة جديدة حتى لو لم تكن لديها الرغبة وكانت مغيبة تحت تأثير التعلق، وهذا حل صعب لأني عاطفي وحساس بطبعي وليس من السهل علي أن أنظر لتوسلات زوجتي أن لا أطلقها ولا أتزوج عليها، وبعض الناس نصحني أن أتزوج بأخرى وذلك صيانة لزوجتي الأولى من نظرات المجتمع وحتى تكون في كفالة رجل.. ماذا أفعل؟ أنا أحب زوجتي، ولا مقارنة بين شعوري تجاه الزوجة والزميلة، ولم أتحقق بعد من الزميلة ومدى مناسبتها، وكم كررت على مسامع زوجتي أنها الأحظى والأغلى.. لكنها تحت ثورة الغيرة جرحتني في رجولتي وأنني لم أكن قادرا على إكمال العلاقة الخاصة معها يوما ما - رغم أنه كان موقفا فرديا سببه التوتر النفسي والاجهاد بعد العمل - وهددتني بفضحي وفضح زميلتي في مكتبنا، وصدقا لا أعلم أين يمكن أن يصل بها المطاف.
جزاكم الله خيرا