الرد على الاستشارة:
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد الصادق الأمين وآله وصحبه
ومن تبعهم بخير وإحسان إلى يوم الدين ، بعد
التوكل على الله -سبحانه وتعالى- والاستعانة به , نرد على هذه الاستشارة بالآتي :
ما تم ذكره من وصف لهذه الحالة ,
نعتقد أنه يندرج ضمن اضطراب الوسواس القهري (OCD) Obsessive-compulsive
disorder . وللاستشارات الكثيرة التي تصلني عن هذا الاضطراب , ولنسبة
انتشاره المرتفعة , سوف أرد على هذه الاستشارة بشيء من التفصيل وفق أحدث الدراسات
والخبرة الإكلينيكية في هذا المجال والمرجعيات الطبية النفسية الدولية في التشخيص
والعلاج, وبالذات الدليل
التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية، الإصدار الخامس (DSM-V) للوسواس القهري.
الأعراض الرئيسية للوسواس القهري
هي الهواجس والأفعال القهرية التي تتداخل مع الأنشطة العادية ,على سبيل المثال، قد
تمنعك الأعراض غالبًا من الوصول إلى العمل في الوقت المحدد , أو قد تواجه صعوبة في
الاستعداد للنوم خلال فترة زمنية معقولة. قد تعلم أن هذه الأعراض تسبب مشاكل، لكن لا يمكنك إيقافها. قد تأتي
أعراض الوسواس القهري وتختفي، أو قد تخف بمرور الوقت أو تتفاقم بمرور الوقت.
في حالة الوسواس القهري، تكون
الهواجس عبارة عن أفكار أو صور ذهنية غير مرغوب فيها ومتطفلة تسبب قلقًا شديدًا، لا يستطيع الأشخاص المصابون بالوسواس القهري التحكم في هذه الأفكار، يدرك معظم
المصابين بالوسواس القهري أن هذه الأفكار غير منطقية أو غير عقلانية، مثل :
- الخوف من ملامسة المواد الملوثة،
مثل: "الجراثيم أو الأوساخ " .
- الخوف من إلحاق الأذى بنفسك أو
بشخص آخر لأنك لست حذرًا بما فيه الكفاية أو لأنك ستتصرف بدافع عنيف.
- أفكار أو صور ذهنية غير مرغوب فيها
تتعلق بالجنس .
- الخوف من ارتكاب الخطأ.
- الاهتمام المفرط بالأخلاق
("صواب أو خطأ".)
- مشاعر الشك أو الاشمئزاز.
- القلق المفرط بشأن ميولك الجنسية
أو هويتك الجنسية.
- الحاجة إلى النظام أو الدقة أو
التماثل أو الكمال.
- الحاجة إلى الطمأنينة المستمرة.
في الوسواس القهري، فإن الأفعال
القهرية هي أفعال متكررة تشعر أنه عليك القيام بها للتخفيف من الهواجس أو التخلص منها. لا يرغب الأشخاص المصابون بالوسواس
القهري في أداء هذه السلوكيات القهرية ولا يستمتعون بها , لكنهم يشعرون أنه يتعين
عليهم القيام بها وإلا سيزداد قلقهم سوءًا. ومع ذلك، فإن الإكراه يساعد بشكل مؤقت
فقط وسرعان ما تعود الهواجس، مما يؤدي إلى العودة إلى الدوافع القهرية.
تستهلك الأفعال القهرية وقتًا
طويلاً وتعيق الأنشطة المهمة في الحياة , ليس من الضروري أن تتطابق مع محتوى هواجسك. والأمثلة على هذا تشمل :
- ترتيب الأشياء بطريقة محددة
للغاية، مثل العناصر الموجودة في خزانة الملابس الخاصة بك.
- الاستحمام أو التنظيف أو غسل يديك
مرارًا وتكرارًا.
- جمع أو تخزين الأشياء التي ليس لها
قيمة شخصية أو مالية.
- فحص الأشياء بشكل متكرر، مثل
الأقفال والمفاتيح والأبواب.
- التحقق باستمرار من أنك لم تسبب أي
ضرر لشخص ما.
- البحث المستمر عن الطمأنينة.
- طقوس تتعلق بالأرقام، مثل :" العد، أو
القيام بمهمة ما لعدد محدد من المرات، أو تفضيل أرقام معينة أو تجنبها بشكل
مفرط ".
- قول كلمات أو صلوات معينة أثناء
القيام بمهام غير ذات صلة.
يمكن أن تشمل الأفعال القهرية
أيضًا تجنب المواقف التي تثير الهواجس, أحد الأمثلة على ذلك هو رفض المصافحة أو
لمس الأشياء التي يلمسها الآخرون كثيرًا، مثل مقابض الأبواب وغيرها.
ومن أجل التشخيص السليم لهذه
الحالة أو غيرها , لابد من انطباق معايير التشخيص لاضطراب الوسواس القهري وفقا للدليل
التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية، الإصدار الخامس (DSM-V) , وأبرز هذه
المعايير :
- وجود وساوس أو أفعال قهرية أو
كليهما.
- تستغرق الهواجس أو الأفعال القهرية
الكثير من الوقت (أكثر من ساعة يوميًا) .
- تسبب الهواجس أو الأفعال القهرية
الضيق أو تؤثر على مشاركتك في الأنشطة الاجتماعية أو مسؤوليات العمل أو أحداث
الحياة الأخرى.
- لا تنتج الأعراض أعلاه عن المواد
أو الكحول أو الأدوية أو حالة طبية أخرى.
- لا يتم تفسير الأعراض بحالة صحية نفسية
أو عقلية مختلفة، مثل :" اضطراب القلق العام، اضطراب الأكل أو اضطراب صورة الجسم ".
وتتضمن خطة العلاج الأكثر شيوعًا
للوسواس القهري العلاج النفسي (العلاج
بالكلام) والأدوية.
أولا : العلاج النفسي للوسواس
القهري :
العلاج النفسي، والذي يُطلق عليه
أيضًا العلاج بالكلام، هو مصطلح يشير إلى مجموعة متنوعة من تقنيات العلاج التي
تهدف إلى مساعدتك على تحديد وتغيير المشاعر والأفكار والسلوكيات غير الصحية. ويجب أن يقوم بهذه العلاجات متخصص في الصحة النفسية، مثل الأخصائي النفسي.
وتوجد عدة أنواع من العلاج النفسي.
تشمل الأشكال الأكثر شيوعًا وفعالية لعلاج الوسواس القهري في ما يلي :
1. العلاج السلوكي المعرفي (CBT): أثناء العلاج السلوكي المعرفي، سيساعدك المعالج على فحص
أفكارك وعواطفك وفهمها. على مدار عدة جلسات، يمكن أن يساعد العلاج السلوكي المعرفي
في تغيير الأفكار الضارة وإيقاف الأفكار والعادات السلبية، وربما استبدالها بطرق
صحية للتعامل معها.
2. التعرض
ومنع الاستجابة
(ERP): ERP هو
أحد أنواع العلاج السلوكي المعرفي. يعرضك المعالج لمواقفك أو صورك المخيفة ويطلب
منك مقاومة الرغبة في أداء عمل قهري. على سبيل المثال، قد يطلب منك المعالج الخاص
بك لمس الأشياء المتسخة ولكنه يمنعك بعد ذلك من غسل يديك. من خلال البقاء في موقف
مخيف دون حدوث أي شيء سلبي، تتعلم أن أفكارك القلقة هي مجرد أفكار وليست بالضرورة
حقيقة.
3. علاج
القبول والالتزام
(ACT): يساعدك ACT على تعلم قبول الأفكار الوسواسية
باعتبارها مجرد أفكار، مما يؤدي إلى إبعاد القوة عنها. سيساعدك معالج ACT على تعلم كيفية عيش حياة ذات معنى
على الرغم من أعراض الوسواس القهري التي تعاني منها.
4.
علاج اليقظة الذهنية : (MT)Mindfulness
therapy يمكن أن تساعد تقنيات اليقظة الذهنية، مثل التأمل": والاسترخاء", أيضًا في علاج الأعراض.
ثانيا : العلاج بالأدوية :
قد تساعد الأدوية التي تسمى مثبطات
امتصاص السيروتونين (SRIs) ومثبطات امتصاص السيروتونين الانتقائية (SSRIs) ومضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات
في علاج الوسواس القهري.
التعامل مع الأدوية لا بد من أن يكون
تحت إشراف طبي . و وتصرف الأدوية بناءا على قرار الطبيب المختص , لكن غالبا ما يوصي
الأطباء المتخصصين بمثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية لعلاج الوسواس القهري
ويصفونها بجرعات أعلى بكثير مما يصفونها للقلق أو الاكتئاب. تشمل مثبطات استرداد
السيروتونين الانتقائية المعتمدة من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA):فلوكستين.فلوفوكسامين.باروكستين.سيرترالين.قد يستغرق الأمر ما يصل من ثمانية
إلى 12 أسبوعًا حتى تبدأ هذه الأدوية في العمل.
ثالثا : العلاج بتغيير نمط الحياة
والرعاية الذاتية : بصرف النظر عن طلب العلاج الطبي للوسواس القهري، فإن ممارسة
الرعاية الذاتية يمكن أن تساعد في إدارة الأعراض. مثل :
1. الحصول
على نوم جيد.
2. ممارسة
الرياضة بانتظام.
3. تناول
نظام غذائي صحي.
4. قضاء
الوقت مع أحبائك الذين يدعمونك ويتفهمون الوسواس القهري.
5. ممارسة
تقنيات الاسترخاء.
6. الانضمام
إلى مجموعة دعم شخصية أو عبر الإنترنت للأشخاص الذين يعانون من الوسواس القهري.
مع خالص تمنياتي بصحة نفسية وجسدية سليمة .
الأستاذ الدكتور : محمد إبراهيم العبيدي .
استشاري الصحة النفسية والعلاج النفسي .
إضافة من المدقق الشرعي :
استشارتك أختي الكريمة ؛ دليل محبتك لله وثباتك العظيم على دينك .. ولا تقلقي من تلك الكلمات التي تخشين فيها الكفر فأنت مسلمة موحدة مهما عرضت لك الألفاظ والوساوس لن تخرجي من الدين بسببها حتى وإن شعرت في تلك اللحظة أنّك تقصديها ، ثقي أنّ الله يفهمك ويعلم ما تمرّين به ويعذرك ويتقبل صالح عملك وسيشفيك بحوله وقوّته ، اسعي للعلاج واستفيدي ممّا ذكرة أستاذنا ومستشارنا النفسي وستكونين على خير حال -بإذن الله- .