الرد على الاستشارة:
أولاً _ وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، حياكِ الله سيدتي الكريمة والقلب الحنون والأم الصابرة والمربية المجتهدة .
ثانياً _ سؤال يُسكب في حروفه الحرص وفي معانيه الاهتمام ولكن يا رائعة هنالك ما يحتاج أن تنفردي به وتُجيبي عنه .
١_ هل هذه الطفلة تُشاهد منكما التعبير عن مشاعركما أمامها وهل هي إيجابية أم سلبية؟
٢_ هل حاولتِ احتواء طفلتك وإحساسها بالأمان في أحضانكِ؟
٣- هل الصوت المرتفع هو الأسلوب في حال المشاكل الأسرية؟
٤_ في أثناء حديثكِ ذكرتِ أن طفلتكِ تم تربيتها من إحدى القريبات في الأسرة ..فكيف كانت تربيتها لها بما أنها أثرت فيها كثيرا ؟ وهل المدة طويلة التي بقيت فيها معها؟
٥_ هل قمتِ بالتمهيد لطفلتكِ بأن هنالك أخ أو أخت سوف تكون موجودة معها قريباً وما ردة فعلها؟
ثالثاً _ يا رائعة تعد مرحلة النمو الانفعالي لطفل من المراحل المهمة.. فمن الطبيعي أن يعبر الطفل عن مشاعره ، فعندما ينشأ الطفل في أسرة يسودها المحبة والدعم ويظهرون ذلك لطفلهم ويحتضنونه فهنا نجد ذلك الطفل يعبر عن مشاعره بكل عفوية وبراءة طفولة، ولكن عندما ينشأ الطفل في أسرة شحيحة في لغة الحب وفقيرة في معاني الاحتواء ومُقلة في الاحتضان لأطفالها سوف يخرج من ذلك أطفال تضغط مشاعرها بالكبت وتجمعها حتى تطرحها بكل سلبية بتصرفات سيئة وهمجية ويكون ذلك صورة في التعبير عن المشاعر لديهم، فالطفل الذي يعبر عن مشاعره قد بخرج ذلك التعبير على هيئة صراخ وعناد وبكاء وقد يصل إلى أفعال هو يعتبرها صورة تعبير عما بداخله من مشاعر .
وحتى نعلّم أطفالنا لغة التعبير عن مشاعرهم سيدتي الكريمة لا بد من أن :
١_ نكون لهم وعاء الاهتمام و واحة الإنصات.
٢_ وعند الاستماع لا بد من أن نتعاطف معهم لأن ذلك يزيد من رغبة التعبير لديهم.
٣_ لا بد من الاتصال البصري مع الطفل أثناء الحديث.
٤_ نحاول قدر الإمكان تبسيط لغة المشاعر لهم بالأشكال والوجوه المعبرة فهي أقصر وسيلة لإيضاح تلك المشاعر لأطفالنا ومناسبة لعقولهم في ذلك السن.
٥_ استخدام أسلوب الحكاية للطفل والتركيز على ما تحتوي من مشاعر.
٦_ الرسم سلاح فعال وقوي عندما نشجع الطفل بأن يمسك قلم ويرسم لنا كل ما في خياله من مشاعر فهنا سوف يبحر لنا ويعبر بكل عفوية.
٧_ الجلوس مع الأطفال والتعبير عن أي مشاعر لهم حتى يتعلموا منا لغة التعبير عن مشاعرهم.
وبعد ذلك وفي مراحل متقدمة سوف يبدأ الطفل بالتعبير عن مشاعره تلقائيا وبصورة صحيحة.. هذا بالنسبة لما استفسرتِ عنه سيدتي الكريمة .
أما بالنسبة لمشكلة طفلتكِ الجميلة يا فاضلة يا كريمة ؛ نسبة كبيرة بل ربما الجميع من الأطفال يعانون مثلما تعانين منه من عناد وعصبية ومشاعر تعبيراً ، فهذا أمر طبيعي، والطبيعي غير ذلك سيدتي الفاضلة ؛ فهي مرحلة يكون لدى العديد من الأطفال المستوى العالي من الإدراك يحاول فيها الطفل أن يقوي درجة استقلاله وحياته الشخصية وفي نفس الآن لا يدرك للطريقة أو الأسلوب الذي يسلكه من أجل أن يقوم بذلك، طفلتكِ تتصرف تصرف طبيعي من عناد وعدم التزام بالأوامر والعصبية والقيام ببعض التصرفات دون أن تعرف النتائج المترتبة عليه، لذلك يا غالية ؛ أرجوكِ حافظي على طفلتكِ حتى لا تتركيها فريسة لتلك الأمراض النفسية، كل ما هو مطلوب منكِ يا كريمة ؛ أن تتحلي بالصبر لأنني أعلم علماً تاماً وهو أنه يصعب التعامل مع طفلتكِ، ولكن تأكدي من شيء واحد أن ابنتكِ ثمركِ وسوف تجنينه بصبركِ واهتمامكِ واحتوائكِ لها فهي لا تحتاج أكثر من ذلك .
حافظي على مستوى الهدوء معها ، كوني قريبة منها ، تحدثي معها وشاركيها كل ما يخصها حتى اللعب معها ، وهنا سوف تكسبين أنتِ وتعود طائرة الأمان إلى إدراجها .
حاذري من الضرب في هذه المرحلة العمرية لأن الضرب لا يروضها بل على العكس يترتب عليه ارتفاع مستوى العصبية والعنف لديها ويزرع في داخله الكره لكم وهذا فعلا ما سببه الضرب لطفلتكِ فأصبحت تعاني التأتأة لذلك تداركي الأمر قبل أن يستفحل الخطب .
لا تستخدمي معها أسلوب الأوامر فلن تجني منه إلا تمادى في العناد وبناء صروحاً من البعد والكره .
استخدمي معها أسلوب التحفيز والتشجيع .
واختاري له العقاب المناسب في هذه المرحلة العمرية بعيدا عن أسلوب الضرب نهائيا .
أتمنى أن تُناقشي ذلك مع الوالد بعيداً عن الصوت العالي وتقاذف اللوم والنقاش الغير مجدي ولا نفع منه ، حاولا أن تتركا في قلوب طفلتكما مساحة كبيرة تحتفظ بها بحبكما فلن تكسبا طفلتكما دون سكينة حبكما ومنابع اهتمامكما وأساس وجودكما .
أخيراً : يا غالية يا كريمة ؛ ذلك الكوكب الأرضي فيه الملايين من الأطفال الذين هم أجمل عطايا الرحمن ثمار بلا تعب ولا جهد لن تكون جميلة ولا تسُر القلوب، فلا بد من التعب ولكن تذكري بأن موعد راحتكِ سوف تصافحينه قريباً -بإذن الله-.
حفظ الله لكِ أجمل زهور الحياة وأروع زينة في الدنيا وجعلها قرة عين لكِ ولوالدها .