الرد على الاستشارة:
فتح الله -تعالى- لعباده باب التوبة؛ ليجعلهم من أهل رحمته ومحبته، ومن الأمور التي تُعين العبد على التوبة الصادقة:[١٩][٢٠] _استشعار عظمة الله -تعالى- وأنّه المُتفضّل على خلقه بالنعم التي تستوجب الشُكر، ويكون كُفران النعم باستخدامها فيما يُغضب الله، وتكون التوبة بالشُكر.
_استحضار خُطورة الذنوب، وما تتسبّب به من غضب الله و إنزال سخطه.
_إدراك أهمية التوبة وضرورة المبادرة إليها قبل لقاء الله -تعالى- والوقوف بين يديه والحساب على كلّ صغيرةٍ وكبيرةٍ.
_حفظ القرآن الكريم بإخلاص النية وتجريد القصد لله -تعالى- مع اتّباع ما ورد فيه.
_مرافقة الصالحين الذين يُعينون على الثبات على طريق الحق.
_مجاهدة النفس بإتيان كلّ ما أمر به الله -تعالى- والابتعاد عن كلِّ ما نهى عنه.
_الإكثار من تذكّر الموت ممّا يدفع القلب إلى تجديد التوبة والرجوع إلى الله، فقد قال الرسول -عليه الصلاة والسلام-: ( أكثِروا ذِكْرَ هاذمِ اللَّذاتِ الموتِ )،[٢١] .
_ذكر الجنة ونعيمها؛ فذلك يُعين على فعل الطاعة؛ لنيل رضى الله -تعالى- والفوز بجنته. _الالتزام بالفرائض من العبادات وأهمّها : (الصلاة، والحرص على التقرّب من الله -تعالى- بالنوافل...)، قال الله -تعالى- في الحديث القدسي: (وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ), [٢٢] .
_الدُعاء وطلب الثبات على الحق من الله -تعالى-، وفي ذلك يروي الصحابي أنس بن مالك -رضي الله عنه-: (كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ يُكثِرُ أن يقولَ: يا مقلِّبَ القلوبِ ثبِّت قلبي على دينِكَ),[٢٣] .
_المداومة على ترديد الأذكار والحرص على الاستغفار.
_الخشية والخوف من الله تعالى، وما أعدّ من جزاءٍ وعقابٍ للعُصاة، وتذكّر الآخرة وما فيها من الحساب والجنة والنار وغيرها من الأمور، قال -تعالى-: (إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُولَـئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ),[٢٤] .
_تذكّر رحمة الله -تعالى- الواسعة بعباده التي تشمل مغفرة جميع الذنوب والمعاصي، قال -تعالى-: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ),[٢٥] _معنى " التوبة النصوح " :إن للتوبة منزلةً عظيمةً؛ إذ تتعلّق ببداية العباد السائرين إلى الله -تعالى- ونهايتهم، كما أنّ حاجتهم إليها ضرورية، قال الله -تعالى-: (وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُولَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)،[٢٦] فمن لم يتب فقد ظلم نفسه لعدم معرفته بربّه ولما اقترف على نفسه من العيب وما أدت إليه أعماله من الآفات،[٢٧] وتتفرّع التوبة إلى ثلاثة أنواع : أولها: أن يُذنب العبد ذنباً ثمّ يُلحقه بتوبةٍ صادقةٍ عاجلاً، وهي ما تسمّى :" بالتوبة الصحيحة" ، وثانيها: التوبة الأصح من الأولى، وهي ما تسمّى :" بالتوبة النصوح ", التي يكره فيها العبد المعصية فلا تخطر له، وثالثها: "التوبة الفاسدة", وتكون بتوبة اللسان فقط دون توبة الجوارح، فيتلفّظ اللسان بالتوبة دون أن يعزم العبد على هجر المعصية التي تُغضب الله مع بقاء لذّتها في خاطره، ويُلحق بالأنواع السابقة "توبة الإنابة", التي يخاف بها العبد من قدرة الله عليه، وتوبة الاستجابة التي يستشعر بها العبد قُرب الله منه، فيستحيي من الله أن يراه على معصيةٍ.[٢٨] حقيقة التوبة إن على التائب أن يُحدّد مقصده من التوبة، فيكون دافعه للتوبة رجاء تقوى الله -تعالى- والخوف من عذابه والالتزام بأمره، ولا يكون القصد تحصيل عزة الطاعة وعزة التوبة دون النظر إلى حق الله،[٢٩] ويُحكم على التوبة بالوجوب أو الاستحباب بناءً على حقيقتها، ومن أتى بالتوبيتن كان من المقرّبين، ومن اقتصر على التوبة الواجبة كان من المقتصدين، وبيان النوعين فيما يأتي:[٣٠] *التوبة الواجبة: وهي التوبة من عدم أداء الواجبات وإتيان المنكرات، وتتحقّق بترك النواهي وأداء الأوامر، وسمّيت واجبةً بسبب وجوبها على كلّ مكلفٍ كما ورد الأمر بها في نصوص القرآن الكريم، قال -تعالى-: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّـهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ).[٣١] .
*التوبة المُستحبة: وتتحقق بفعل الأمور المُستحبة وترك الأمور المكروهة. فضل التوبة إلى الله فتح الله -تعالى- لعباده أبواب الرحمة والمغفرة بقبول توبتهم، وتظهر أهمية التوبة في العديد من الأمور، يُذكر منها[٣٢] :
-امتدح الله -تعالى- عباده المداومين على الاستغفار والتوبة.
-أنعم الله -سبحانه- على التائب بالثواب العظيم والجزيل في الدنيا والآخرة.
-ينال العبد بالاستغفار والتوبة بركاتٍ لا يُمكن حصرها، منها: تكثير الخيرات وسعة الرزق. -تعدّ التوبة من أسباب نيل محبة الله -تعالى-، قال -تعالى-: (إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)،[٣٣] .
-كما أنّها من أسباب الفلاح وقبول الأعمال الصالحة.[٣٤] .
-تُعين التوبة على دخول الجنة والنجاة من عذاب النار في الحياة الآخرة،[٣٤] .
-أهمية معرفة الكبائر وجب على كلّ مسلمٍ معرفة كبائر الذنوب؛ لخطرها العظيم وشرّها الجسيم، فيَسلموا من شرّها الذي يلحق بمرتكبها في الدنيا والآخرة،[٣٥] فهي من أسباب حلول العقوبة والهلاك، فمخالفة أوامر الله واتّباع طريق الذنوب كان سبب هلاك الأمم السابقة ونزول العذاب بهم، فأغرق الله قوم نوح -عليه السلام- جزاء تكذيبهم وكفرهم به، وألقى الريح على قوم عاد وماتوا زمن هود -عليه السلام-، وأرسل الله الصيحة المميتة على قوم ثمود زمن رسوله صالح -عليه السلام-، قال -تعالى-: (فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّـهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) ،[٣٦][٣٧] .