الرد على الاستشارة:
السلام عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أهلا وسهلا بك ونشكر ونقدر لك ثقتك لاختيارك موقع المستشار التابع لجمعية التنمية الأسرية بالأحساء؛ ونسأل الله أن يديم عليكما السكينة والاستقرار.
إن طلبك للاستشارة فيه دلالة على وعيك وحسن التفكير والنضج الفكري، حيث طلبك للاستشارة من المختصين يعد دليل على حسن النظر في الأمور.
وفيما يخص شكواك بأنك تزوجت منذ سنة زواج تقليدي مثل أي شاب وفتاة تزوجا بشكل طبيعي جدا وهذا النمط هو السائد والمنتشر والمتعارف عليه، كما أنه هناك أنماط أخرى للزواج ولكن نتائجها غير محمودة لأنها قد تسبب الغيرة والشك وهذا ملموس وواضح لدى العاملين بالاستشارات الأسرية، أما هذا النمط الذي تزوجت به نمط محمود النتائج بإذن الله- عز وجل-، وبناء على ما ذكرته من حيثيات في شكواك يتضح بأن زوجك تعرض إلى تربية شديدة وقاسية مما جعله يفقد ثقته بنفسه وذاته وذلك سبب له تقدير منخفض لذاته، ولهذا ظهر زوجك بهذه السلوكيات التي أزعجتك وولدت لديك مشاعر الحزن على زوجك، أعي حقيقة مشاعرك التي جعلتك تشعرين بصدمة ولكنها ليست ذات تأثير كبير على حالتك النفسية نتيجة تعامل والدة زوجك تجاهه، وهذا يدل على ثقتك بنفسك وهذا ما نحتاج إليه في هذه المرحلة؛ كي تتخطيان هذه المشكلة بسلام- بإذن الله- و تعيشين وزوجك حياة هادئة مستقرة- بإذن الله-، ولكن عليك معرفة بأن لكل منزل حدود ينبغي أن يستقيم عليها وتبنى عليه قواعد الألفة والمحبة، ومن ضمن تلك الحدود هو: ( عدم خروج المشكلة الزوجية أو الأسرية خارج المنزل، وعدم السماح بالتدخل بها مهما كانت صفته إلا من شخص مختص كي يساهم في حلها بشكل صحيح وسليم، فبقاء المشكلة داخل المنزل وعدم إفشائها هو حل لكل مشكلة زوجية وهذه قاعدة عامة لنجاح أي علاقة زوجية، فالوعي بهذا الأمر مهم )، صحيح بأن والدة زوجك تحبك و تكنّ لك كل خير، ولكن تعاملها بهذه الطريقة للأسف جعلته يفقد ثقته بنفسه ولهذا عليك عدم إخبارها وغيرها بالأحداث التي تدور بينكما، ثم بعد ذلك يمكن تدارك المشكلة عبر المختصين- بإذن الله- مثلما قمت به الآن عبر هذه الاستشارة.
يقول الله تعالى: ﴿ هن لباسࣱ لكمۡ وأنتمۡ لباسࣱ لهن ﴾ [البقرة ١٨٧]، وصف الله- عز وجل- العلاقة الزوجية باللباس للطرفين وليس لطرف واحد، وصفها باللباس لأنه ساتر للجسد فكذلك ينبغي للأزواج الستر على بعضهما البعض، وكذلك اللباس يظهر الإنسان بشكل جميل، وكذلك على كلا الزوجين القيام بدوره لجعل هذه العلاقة تخرج بشكل جميل وكذلك يكون باطنه أجمل من خارجه، وبدأ الله- عز وجل- بالنساء في هذه الآية لحكم عدة ومن ضمنها: (بأن المرأة هي الأقدر على الاحتواء وأن تكون لزوجها سكن وهو كذلك يكون لها سكن)، لكي تسكن أرواحكما مع بعضها و لبعضها، فعليك في بداية الأمر احتواء زوجك و إشباعه عاطفيا فقد تعرض للقسوة شديدة في التربية وهذا ظاهر من خلال الأحداث التي أوردتها في ثنايا شكواك، فهذا مطلب أساسي لتخطي هذه المشكلة بإذن الله- عز وجل-.
وفي الحديث الصحيح الذي روته أمنا عائشة بنت الصديق- رضي الله عنها وعن أبيها- قالت:- فيما معناه- أول ما بدئ به الرسول- عليه الصلاة والسلام- من الوحي...: ( حتى دخل على خديجة، فقال: زاملوني زاملوني ، فرملوه ، حتى ذهب عنه الروع، قال لخديجة: أي خديجة، ما لي لقد خشيت على نفسي، فأخبرها الخبر، قالت خديجة: كلا، أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدا، فوالله إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق، فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل).
وفي هذا الموضع نستشف العديد من المواقف منها :
_ إن الزوجة الصالحة هي الملاذ الأمن لزوجها.
_ الزوجة الصالحة هي الداعمة لزوجها في الأزمات والمحن.
_ الزوجة الصالحة هي الباعث الحقيقي للثقة في زوجها وهي التي تمده بها.
_ الزوجة الصالحة التي تنظر إلى إيجابيات الزوج وتذكره بها كي يستجمع قواه ويعود لوضع الطبيعي.
_ الزوجة الصالحة تكن لها نظرة صحيحة باختيار من يقدم لها العون والمشورة الصحيحة.
ولذلك إن كنت راغبة فعلا لبناء حياة زوجية مستقرة مع زوجك والذي أجده محبا لك، فعليك وضع حدود بعدم التدخل من أي طرف بشؤونكما، وعليك استجماع قواك بدعم زوجك وأن توكلي المهام له بشكل ميسر ومبسط وهكذا، كي يسترجع ثقته بنفسه ومن ثم بعد ذلك وبشكل تدريجي يتم إقحام المهام الأصعب فالأصعب، و أخبريه بأنه هو القوام على منزله وأنك تثقين بقوامته وقيامه بأداء الأمانة على الوجه الذي يرضيه الله عنه، وكذلك عليك أنت بالطاعة على الوجه الذي يرضي الله عنك، ومن ثم أشعري زوجك بثقتك به و بقدراته و أظهري إعجابك به وبأفعاله الحسنة وخصاله الحميدة دون مبالغة.
وأما بما يخص كيف تجعلينه يثق بنفسه، فعليك كتابة الأفكار التي تردك فيما لو تمت مشورتك من قبل إحدى المقربات لك وترغب بمساعدتك لها فحينها ستتوارد الأفكار عليك، فعليك القيام بعد تدوينها بتنقيحها وتقييمها ومن ثم العمل على تطبيقها، ولكن عليك معرفة أمران مهمان وهما :
* أن تكون تلك الأفكار واقعية وعقلانية، مع ملاحظة تلك التغييرات الإيجابية و أظهري ثقتك بقدراته بشكل مباشر وغير مباشر وعدم نقده في الوقت الحالي كي لا يُهدم ما تم بناؤه .
* كما أرشدك وزوجك بالاشتراك بدورات المقبلين والمقبلات على الزواج سواء الحضورية منها أو التي تقام عن بعد فهذه الدورات هما مفاتيح لعملية البناء الأسري الصحيح.
و أذكرك بعدم التردد أبدا بطلب الاستشارة وفي أي وقت .
وأسأل الله لكما حياة سعيدة ومستقرة .