الرد على الاستشارة:
نرحِّب بك أخانا الكريم في موقع المُستشار ؛ و نُثمّنُ لك ثقتك بالموقع .
نص الاستشارة قصير، لكنَّه مُعبِّر عمَّا يدور في داخلك من مشاعر، وأحاسيس، و كُل إنسان لابُدَّ أن يتعلم من تجاربه في الحياة، وكل تجربة لابُدَّ أن يكون لها دُروس وعبر، فأنت الأعلم بمصلحتك، و شرعاً ليس هناك ما يمنع من الزَّواج مُباشرة بعد الطلاق؛ ولكن لابد من تأسيس الحياة على أُسس و قواعدَ متينة، ليستفيد الإنسان من الأخطاء الّتي حصلت في حياته.
لاحظ أخي العزيز ؛ أنَّ العناد بين الزَّوجين من أهم أسباب المشاكل الزَّوجية، فكُلُّ طرف يتمسَّك برأيه ولا يتنازل عنه، وهذا خطأ، لابُدَّ من الإنصات، واحترام رأي الطرف الآخر؛ حتَّى و إنْ لم نقتنع، فهو يمثل وجهة نظر، وعلينا احترام الرأي الآخر، وليس معنى الاحترام الالتزام، بل إنَّ هذا التَّصرف يُطيِّب النُّفوس و يُهدئ الأمور، وعليك محاولة علاج الأمور بهدوء، و لابُدَّ من احترام العلاقة التي تجمعك بزوجتك، خاصة إذا كان بينكما أبناء؛ كما ذكرت.
و لابُدَّ من الابتعاد عن النِّقاش الحادّ، وعليك بالسكينة، فإن لم تستطيع فاترك المكان، لأنَّ مرحلة الغضب تأتي بعد مرحلة العناد، وعند الغضب يحصل مالم يكُن في الحُسبان، فمن المهم أن تستعيذ من الشيطان، و تلجأ إلى الوضوء، أو تُشغل نفسك ببعض الأُمور الَّتي تُبعد الغضب، والسماع بتعقل وليس من خلفية و تصور سابق وهذا الذي سيقود للحل بإذن الله.
وكما أنَّ هُناك حقوقاً، وواجبات، فإن هناك احتياجات للزَّوجة و للزَّوج فهي تحتاج منك أن تُشبعها، فتعرَّف على احتياجات زوجتك و لبِّها لها، فهذا أمر ضروري للحفاظ على العلاقة الزوجيةّ، فقد يُفني الزوج حياته في احتياجات يُقدمها لزوجته، وفي النهاية يكتشف أنَّها
لا تُمثِّل احتياج لشريكته، بل ليست من اهتماماتها، فلابد من معرفة الاحتياجات التي تحتاجها الزوجة، و تلبيتها لتعود الحياة من جديد .
و يدلنا هذا إلى أن التعامل يختلف بين الرجل والمرأة فالمرأة إذا عاملتها كمعاملة رجل لن تستجيب، والعكس صحيح، و للمعلومية فهُناك فروق كثيرة في الطباع، والعادات، والأمور النفسية، و الجسمانية، والعقلية بين الرجل والمرأة؛ قد تصل إلى خمسة آلاف فرق، أو تزيد فهذه الفروق المختلفة تُؤكِّد على أنَّه لابد من اختلاف التعامل بين الجنسين فاللَّطافة، و الحُب، والهدوء، والمشاعر، والأحاسيس المُرهفة و الرقيقة هي من الأُمور التي تهتمَّ بها المرأة في التعامل، فلا بد أن ننتبَّه لذلك.
وإذا كان هُناك إمكانية للرجوع بينكما، لابُدَّ أن تبدأ بإذابة الجليد، و التَّفكير بعقلانية، لا التفكير بأفكار مترسبة في الذهن عن الشريك؛ بحيث تطغى على الفكر، و تُعمي التَّصوّر، وعند أي تصرف تطفوا هذه الأفكار، والمشاعر السلبيَّة، وتمنع أيَّ تَقدُّم بينَكما، وذلك عند اختيار العودة وتغليب مصلحة الأبناء.
وبعد دراسة مستفيضة، لابُدَّ من وضع حدود واضحة لما حدث سابقاً، وعدم تكرار الحديث عن المشاكل السابقة، وعدم الخوض فيها. ولابد من دراسة الشَّخصية المتعلقة بالشريك و فهمها فهماً دقيقاً لمعرفة ما يتمتّع به الشريك من مزايا و تجنُّب العُيوب الموجودة فيه.
ركِّز على الجوانب الإيجابية في زوجتك وابتعد عن الجوانب السَّلبيَّة، فمهما كان نوع شخصيتها فلديها جوانب مُتميزة ركز عليها، وامتدح زوجَتك وهذا طريق لكسب قلبها، و ميلها إليك، فالمرأة دائماً تحتاج إلى الثناء على ما تقوم به من جهود، وواجبات للأسرة .
وإذا كنت تُريد أنْ تتزوَّج بأُخرى و تعيشُ حياةً جديدة؛ فأقبل على حياتك الجديدة بأمل جديد، و بثقة في الله سبحانه، وحاول أن تتفادى السَّلبيات التي حصلت منك، والمواقف التي تتمنَّى ألا تتكرَّر في حياتك السابقة
وبالنسبة للخوف يجبُ أن تعلم أنَّ النِّساء يختلفن، وكذلك الرجال، وهناك تباين كبير بينهم، فما حصل من الفشل مع الأولى ليس من الضروري أن يتكرر مع الثانية.
مع ملاحظة أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أوصى بالنساء فقال -صلَّى الله عليه وسلَّم- : (استوصوا بالنساء خيراً)، [البخاري : 3331 ] وقال سبحانه:﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [النساء: 19]. وروى الترمذي عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- : (خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي) [الترمذي : 3895] ، وإذا أقام الرجل شرع الله و تأسَّى بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وابتعد عن العناد، و عَطَف وتعامل بلُطف، و تبسّم؛ فإن الزوجة ستكون أطوع له من بنانه، وهذا حاصل في كثير من الناس، فإن التعامل الطَّيب يفضي إلى الطييب.
يقول سبحانه : ﴿ مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ ﴾، [النساء-٧٩]، فيجب أن نصلح ما بيننا وبين الله سبحانه، ونعود إليه و نلجأ إليه.
ثانياً: لابد من التوبة إلى الله سبحانه من المعصية، وعدم الرجوع إليها، والابتعاد عما يغضب الله عز وجل، فإذا تاب الإنسان من معاصيه فسيتغير حاله، وتزول مشكلته، يقو ل سبحانه : ﴿ إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11]
خصص جزء من دعائك لزوجتك، لعل الله سبحانه أن يجيب دعاءك، واحرص على القرب من الله سبحانه وتعالى والحرص على الصلاة، وقراءة القرآن،، فلها تأثير كبير على مسار حياتك .
نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك من كل مكروه، وأن يعيدك إلى حياة زوجية سعيدة، ويسعدك، ويحفظ ابنتك، ويعطيك من كل خير، و يمنعك من كل شر، إنه على كل شيء قدير.