في رحلة الحياة، قد نجد أنفسنا أحيانًا عالقين بين شجرة يابسة وأخرى خضراء مثمرة. نحدّق في أحلامنا البعيدة، ننتظرها بشغف، ولكنها لا تأتي بالسرعة التي نرجوها. في تلك اللحظات، يتسلل إلينا الشعور بالخيبة، فنظن أن التأخير حرمان، وأن انتظارنا الطويل بلا جدوى.

لكن ماذا لو كان التأخير نعمة؟
ماذا لو كان الله، في حكمته العظيمة، يعدّ لنا شيئًا أعظم مما كنا نتمنى؟

تمامًا مثل الشجرة المثمرة، التي احتاجت إلى وقت لتنمو جذورها في عمق الأرض وتتشبث بقوة، تحتاج أحلامنا إلى الصبر حتى تنضج وتزهر. فالتأخير ليس نهاية الطريق، بل هو بداية لثمار أكبر، وأجمل، وألذ.

الشجرة الجافة التي تبدو بلا حياة اليوم، قد تصبح غدًا واحة من الخيرات. كذلك نحن، حين ننتظر ما نتمنى، قد يمنحنا الله ما هو أوسع وأجمل مما تصورناه. قد يمنحنا ما نحتاجه، لا فقط ما نريده.

فإذا شعرت بأن حلمك يتأخر، لا تفقد الأمل.
اصبر، لأن الله قد يُخبئ لك عطاءً يفوق كل توقعاتك.

يقول الشافعي:
صبراً جميلاً ما أقرب الفرجا
من راقب الله في الأمور نجا
من صدّق الله لم ينله أذى
ومن رجاه يكون حيث رجا

ويقول الإمام علي رضي الله عنه:
إذا اشتملت على اليأس القلوبُ
وضاق بما به الصدرُ الرحيبُ
وأوطنت المكارهُ واستقرت
وأرست في أماكنها الخطوبُ
ولم ترَ لانكشاف الضرّ وجهاً
ولا أغنى بحيلته الأريبُ
أتاك على قنوط منك غوثٌ
يمنّ به اللطيفُ المستجيبُ
وكلُّ الحادثاتِ إذا تناهتْ
فموصول بها فرجٌ قريبُ

ويقول أبو العتاهية:
اصبر على الدهر إن أصبحت منغمسا
في لجّة الحزن والأرزاء تعبث بكا
فما تجرّع كأس الصبر معتصم
بالله إلا أتته الفرحة تبسمًا

ويقول المتنبي:
تَصَبَّرْ عَلى هَجرِ الحَبيبِ فَإِنَّهُ
إِذا كَثُرَ الإِدلاجُ قَرَّبَ لِلقَصْدِ
وَلا تَيأَسَنْ مِمّا تُحاوِلُ فَإِنَّها
شِيَمٌ فِي الوَرى تَحمَدُ العَزمَ وَالجَهدَ

أخيراً قيل: "اصبر ليعطيك الله أكثر مما أردت، فالأحلام الكبيرة تحتاج إلى وقت.. وثمارها تستحق الانتظار، وما عند الله خيرٌ وأبقى دائماً.

دمت بخير..