قد لا تبكي، وقد لا تنهار، وقد تبتسم وتُلهم من حولك... لكنّك في الداخل تسير بخطى وئيدة نحو شيء لا تعرف كنهه، فقط تشعر أن كل ما هو أمامك لا يكفي.
ترتاد كتب التنمية، تخوض التأملات، تحاور نفسك، ترقّق قلبك... ومع ذلك، هناك فراغ ناعم لا تصفه الكلمات.
ذلك هو "اليأس الخفي"... يأس بلا دموع، وضياع بلا جلبة، ونداء داخلي لا يسمعه أحد سواك.
● الوجه المتحضّر لليأس

لا أحد يسميه يأسًا، بل يسمونه: "بحثًا عن الذات"، "الترقي الروحي"، "رسالة الروح".
لكن الحقيقة أحيانًا تكون صادمة:

ما تسميه سعيًا للنور... قد يكون هروبًا ناعمًا من الله.

اليأس الخفي لا يدفعك للانتحار، بل لما هو أخطر: أن تُسلّم قلبك لأبوابٍ لا تدري من فتحها.
تقرأ عن الأبعاد، تتعلّق بالمرشدين الروحيين، تنجذب لمن يقول لك "هناك طريقة أسرع"، وتُفتن بمن يزعم أن لديه "وصولاً خاصًا" لمكان تتجلّى فيه كل إجاباتك... كالسجلات الأكاشية أو اتصال الروح العليا.
● الحيلة الكبرى: الخداع المقدّس

الشياطين لا تأتيك بشكل مخيف، بل تأتيك في صورة "نور لطيف"، توحي إليك أنك مُبارك، مُختار، وأن ما تراه وتشعر به هو هدي من عند الله، بينما هو إلهام مزيف يقتات على عطشك.

أخطر أنواع التيه، حين تظن نفسك أقرب إلى الله وأنت أبعد ما تكون...
وأخطر أنواع السحر، ذاك الذي يلبس لباس “الوعي” و”الشفاء” و”النور”.

● متى ننجو؟

حين نعترف أن الشك ليس عدونا، وأن "عدم الفهم" ليس نقصًا، بل باب يقودنا إلى أدب العبودية...
حين نكفّ عن عبادة "الإجابات" ونعود لعبادة "الربّ الذي يعلم كل شيء"، حتى حين لا نعلم.
حين نقول:

"اللهم إن ضللتُ فاهدني، وإن حسبتُ أنني على نور، فافضح لي نفسي بلطفك، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين".

● وخاتمة تُضيء الطريق:

قد تكون الآن في حالة بحث... وقد تكون تخوض جلسات تأمل أو قراءة طاقات...
فاسأل نفسك بصدق:

"هل أنا أهرب من الله باسم التطور؟ أم أعود إليه؟
هل ما أفعله يجعلني أخضع له أكثر، أم أتحكم بقدري دون الرجوع إليه؟
ومن أصدّق أكثر؟ الحدس؟ أم الوحي؟"