مراهقة متزنة
177
أود في مقالي هذا لفت انتباه المربين والتربويين للمراهقين كيف يفهمونهم؟ وكيف يوجهونهم؟
قد يدور بذهن الأسر حينما تظهر علامات البلوغ على أولاد، أنه أصبح الآن مسؤولاً تماما عن نفسه متجاهلين السلوك التربوي المهم كالنصح والتوجيه وإعطائهم وقتاً كافياً للتعبير عن أنفسهم، والإصغاء لهم، وتلبية احتياجاتهم ومطالبهم، وبينما الوالدان غارقون في مشاغل الحياة والأولاد يكبرون ويتغيرون في جميع جوانب الحياة، وإذا بهم يعاملونهم كالصغار الذين اعتادوعليهم ولا يجدي ذلك التعامل فضلا على الاصطدامات المستمرة مع المراهق فقلة الوعي بتغيرات مرحلتهم العمرية والهيمنة في الرأي والقرار وعدم مصادقة الأولاد وإشراكهم في التربية يعد من الفشل الذريع الذي يلحق الضرر بالأطراف جميعها.

ما المقصود بالمراهقة؟

هي مرحلة انتقالية من الطفولة إلى البلوغ. هذه المرحلة العمرية الهامة في حياة كلّ إنسان لا تشغل بال المراهق فحسب، وإنّما تقلق الأهل، أيضًا، حيث تقع على كاهلهم مهمّة مساعدة المراهق على تخطّي هذه المرحلة العمرية الطبيعية بأقلّ قدر من الصعوبات.

فالوعي من الطرفين الوالدين والمراهقين أنفسهم للمرحلة هذه، تختصر على الجميع وقتاً طويلاً من المعاناة، بل وستكون مرحلة متزنة ومريحة، ومثال تدني الخبرة والوعي إننا قد نشتري جهازاً لا نعرفه، وربما يكون باهظ الثمن فعدم اطلاعنا على دليل الاستخدام قد نتلفت ونخسره، لكن قرأت طريقة الاستخدام تجعلنا نستخدمه بالطريقة الصحيحة ونبدع أيضا.

طريقة التعامل مع المراهق:

لا تعد عملية التعامل مع الأطفال المراهقين عملية معقدة إطلاقا، بل تتطلب الصبر والحزم بعض الشيء، ومن أهم الطرق.

الاستماع للمراهقين، وتقبل اختلاف الآراء، ومنح المراهقين الخصوصية، التحلي بالصبر والهدوء، والتحدث مع المراهقين كالأصدقاء، وضع الحدود والقواعد والعواقب حول السلوك، منح المراهقين الفرصة لحل المشكلات من تلقاء أنفسهم.

فالتركيز على إيجابيات المراهق تعتبر دعماً له بما يتناسب مع فكره وتوجهه ورغباته وقدراته سننجح وينجح ويتفشى السلام بالمكان، لكن حينما نركز ع الخطأ وانعدام الدعم المعنوي والحسي وتجاهل قدراته ورغباته سيحصل تلوث بيئي بنوع آخر يصبح يتصرف بلا مسؤولية، ولا يثمن أخطاءه، وينفذ قدراته بالمتاح ولو كان خطراً ومشبوه، لأنه لم يوجه لهدف معين، فيشعر بالإهمال العاطفي والكبت، وتدني تقدير الذات، ولا يتذكر من توجيهات من حوله إلا العتاب واللوم وكأنه شخص غير مرغوب فيه.

كلمتي للوالدين والمربين:

حاول اكتشاف ما بداخل الأبناء والطلاب، وعاملوهم حسب تفكيرهم وقدراتهم وشجعوهم.

وابعثوا لهم الراحة والأمان حتما ستتفاجؤون بما لديهم من إنجازات وأفكار، فالتعزيزوقود تلك النفس ونورة، ويجعل منه شخص ناجح، فقط نحتاج بعضاً من الوعي والتركيز حينما يقف أمامنا مراهقاً فلننصت لرغباته، ونتحدث معه بعقلية مبتكر ومبدع، ونسدد ونقارب مع أوقاتنا وأعمالنا إلى أن نصل به إلى بر الأمان

وأريد أن أنه قد يحصل من أبنائنا أو طلابنا بعض من الأخطاء، وقد تكون أخطاء واردة بعض منها مقبولة والبعض غير مقبول، ولكن لا نحاول الأساة لشخصه بل ننتقد سلوكه ونبحث معه طرقاً لتصحيح ذلك الموقف وتحسين نظرة من حوله له، ونساعدهم على تعديل ذلك الخطاء ربما أخطاءه حينما نحتويه تتبدل إلى إيجابية.

وأخيرا قال -صلى الله عليه وسلم- كلم راع وكلكم مسؤول عن رعيته* الوالدين مسؤولون عن أبنائهم في البيت والمعلم في مدرسته مسؤول وحبذا لو اطلع الجميع على خصائص المرحلة العمرية هذه.

لا ننسى أن المراهق اليوم ليس مراهق الأمس، فكنا نوجه من آبائنا وأمهاتنا دون تدخل من أحد سواهما الآن قد يدخل في التربية الأصدقاء وهم الأقران والمقربون للمراهق والمعززين له، وهذا أمر يجعل المراهق يستمع لهم؛ لأنهم يعززون له على الخطأ والصح للأسف دون تفهم للإضرار المرتبة المستقبلية. وهناك مقولة لا تؤدبوا أولادكم بأخلاقكم، لأنهم خلقوا لزمان غير زمانكم‏ " فالزمن الآن إنترنت عالم مفتوح وزمن السرعة وأصبح المراهق يرغب متطلباته كضغطة كيبورد أصبحت التطبيقات الأيقونات توفر له كل ما يريد ويعيش أوقاته طويلة معها حينما يخرج من عالمها إلى عالم الواقع والبيئة التي محيطة به ربما تصادم كثيراً ويكتئب؛ لأنه تعود ذلك العالم الافتراضي، فيبحث عن المختصر حتى بتوجيهاتكم اختصروا لا تطيلوا تجنبوا الصراخ ورفع الصوت لأن متعباً لنفسياتهم، وسيفصل عن التجاوب والإنصات مجرد أنه إن رفع الصوت لأن عالمه يميل إلى التوجيه والتنقل خطوة خطوة من أيقونة إلى أيقونة بهدوء في اللعب، وأن فشل يرجع من البداية دون تذمر لأن اللعبة حينا بدأ فيها كانت واضحة شروطها فلنوضح له، ونكرر توضيحاتنا بتنوع ممزوج بالشدة القليلة والحزم وبعض من التذكير بالأهداف وألا يمنع التفرغ للمراهق بعض من الوقت وإعطائه اهتماماً بمفرده والإنصات له والتعزيز واكتشاف ما يريد من احتياجات، وما يواجه من صعوبات فالثناء والتعزيز يصنع من يومه في مختلف.

أخيرا اعلم أن التربية ليست بالسهلة وأنها أمانة ومسؤولية لكن تذكروا أنكم تصنعون منتج أو مشروع العمر قد يمتد بكم حتى في قبوركم تصلكم نفعه سوى كنت الأب أو المعلم قد تسأل ونرجع إلى الذاكرة قليلا ونحن بعمر ذلك المراهق وكم من الأخطاء وجهنا، وكم من شخص وجهنا، أو أساء إلينا الآن نذكرهم وندعو لهم، وكم من شخص نذكر منه إساءة القطار يسير اليوم نحن من نوجههم وهم بحاجة لنا ومع مرور الوقت سيتوقف بناء القطار، وتتثاقل خطواتنا ونحتاجهم حولنا، ونحتاج دعوتهم ودعمهم النفسي كما هم اليوم بحاجة لدعائنا ودعمنا لهم ولننصت لهم، ونساعدهم قدر المستطاع.
تقييم اللقاء
مشاركة اللقاء
تعليقات حول الموضوع

مقال المشرف

«الطلاق».. والأبعاد الخفية

«ولولا أنَّ الحاجة داعيةٌ إلى الطلاق لكان الدليل يقتضي تحريمه كما دلَّت عليه الآثار والأصول، ولكنّ ....

شاركنا الرأي

للتنمر آثار سلبية على صحة الطفل وسلامه النفسي والعاطفي. نسعد بمشاركتنا رأيك حول هذا الموضوع المهم.

استطلاع رأي

رأيك يهمنا: أيهما تفضل الإستشارة المكتوبة أم الهاتفية ؟

المراسلات