الرد على الإستشارة:
سيدتي :
تلقيت رسالتك ببالغ التأثر لما وصلت إليه؟ لماذا تركت نفسك هكذا لتصلين إلى هذه الدرجة من
فقدان الثقة في نفسك وقبلها في لمسات الحنان الإلهي , مهما كان ما تعرضت إليه فهو ابتلاء واختبار وكان لا بد من وقفة مع نفسك حتى لا تزيد المشكلة وتتفاقم الحالة لما وصلت إليه.
لا أنكر أن لأهلك دورا فعالا فيما وصلت إليه، ولكنك كنت تستطيعين بتفوقك الدراسي وعدم الاهتمام بما يقولونه و بثقتك في نفسك كنت ستجذبين كل شيء إليك وما تفكرين فيه تجذبيه إليك.
وبلا شك أنك ركزت فيما يقولونه إلى درجة أنك جذبته إليك وبدأ يزداد في عقلك الباطن مما سبب لك الإحباط والاكتئاب وعدم الثقة بالنفس .
لا يا سيدتي : الأمر مهما وصل إلى ذروته فله حلول وليس حلا واحدا إذا وثقت بالله وبلمسات حنانه وإذا ازداد يقينك بالله يقينا لا شك فيه كنت ستجدين الأبواب تفتح لك والصوت الداخلي يناديك بأن تفتحي الأبواب ولكن للأسف تركيزك لما يفعلونه ويقولونه أبعدك عن دائرة الثقة بالله أولا ثم منها ثقتك بنفسك.
كان هناك طفلا لا يلتفت إليه أهله لقلة جماله وكانوا يفضلون أخواته عليه واستطاع هذا الطفل أن يجذب والديه وكل من حوله إليه بتفوقه الدراسي وعدم اهتمامه بما يقوله أو يفعله الآخرون حتى أقرب الناس إليه وإنما أهتم بما يريده من علم ومعرفة وتطلع إلى المثل العليا والقيم النبيلة بجذب الآخرون إليه وكان والداه يتعجبون من إعجاب الآخرين به لمثله العليا وتفوقه الدراسي وتفوقه في المسابقات الدينية.. هذا الطفل جذب الآخرين إليه بفطرته السليمة وحبه لله بالرغم من عدم الالتفات إليه في البداية وبدأ الوالدين يغيرون نظرتهما إليه وأصبح هو المفضل لديهما.. فاستطاع هذا الطفل البريء بفطرته أن ينتصر على نفسه والآخرين ويحقق كل ما يتمناه .
هذه القصة التي أسردها إليك فهي من نبض الحياة . نحن نحيا في قانون الجاذبية وما نفكر فيه نجذبه إلينا سواء كان خيرا أم شرا. من واقع رسالتك ومشكلتك أقترح عليك ما يلي:
أولا: عدم الاهتمام بما يقوله الآخرون حتى وإن كانوا أهلك .. وعدم الاكتراث بالحملة النفسية التي يوجهونها إليك.
ثانيا: الاهتمام والتركيز على مستقبلك ، وتحاولين بقدر المستطاع أن تتخرجي وتلتحقي بعمل تتفوقين فيه وترين فيه ذاتك وكيانك. ولا بد أن تعرفي أنه من مفاتيح النجاح التركيز على الحل الفوري . لا داع للوم والنقد التي لن تحل بل ستؤدي بك إلى اليأس والفشل. كل إنسان يحاسبه الله على فعله فلتهتمي بنفسك .
ثالثا: اكتبي ما تتمنين أن تحققيه وانشغلي بالعمل به .
رابعا: انشغلي بالعطاء يرده الله إليك بعطاء آخر ولا يكون العطاء فقط في المال وإنما من الممكن أن يكون لمسة حب لوالديك ، أو كلمة طيبة أو علما نافعا.
خامسا: تحلي بالثقة بنفسك مهما قال عنك الآخرون إذا كانوا لا يعجبون بك فهناك من يعجب بك ويراك إنسانة فاضلة وفيك من لمسات الجمال ثقي بالله وأنه سبحانه سيحل لك مشكلتك ولكن ليس بالكلام وإنما بالسعي نحو التميز والعمل الجاد الذي يحقق لك آمالك وأهدافك فتجذبين الآخرين إليك.
تبقى نقطة أخيرة لفتت نظري في رسالتك أنك لا تستطيعين أن تسامحي لأنك غير قادرة على النسيان
إذا عرفت قيمة التسامح لن تقولي هذا أبدا ، إنك عندما تسامحين تتطهرين من كل ذنوبك سواء أكان الآخر يقبلك أم لا فالتسامح نعمة للإنسان قبل غيره وحين يهيئ الله للإنسان عملا صالحا فهو بذلك يغفر له , ومن هنا ندرك أن المغفرة هي أن يكون الإنسان قائما في عمل صالح يغسل به جميع ظلماته ويتطهر به من سيئات أعماله.
والاستغفار قانون من خلاله نعمل ونتحرك فان لم يكن هناك استغفار ما تجرأنا أن نتكلم أو أن نفعل شيئا أو نتحرك حركة. ولكننا تعلمنا أن نعمل وأن نجتهد وأن نجاهد إن أخطأنا فلنا أجر، وإن أصبنا فلنا أجران.
وربما تعلمنا من خطأنا أكثر مما تعلمنا من صوابنا فترجع إلى الله ونتوب إليه ونستغفره سبحانه.
سيدتي.
تسامحك واستغفارك لله عمل صالح يهيئك الله إليه ليغفر لك ذنوبك ومن هنا تنطلقين في الحياة حامدة شاكرة لمسات حنانه عليك فتجذبين كل ما هو خير. ابدئي بالتسامح والعفو واطلبي العون من الله تفتح لك أبواب الرحمة التي تبعث إليك سنابل الخير من كل جانب.
وفقك الله لما فيه الخير.