الرد على الإستشارة:
عناصر المشكلة :
1-تعامل زوجك معك فيه علامة استفهام
إيجابيات في المشكلة :
1-لديك طفلان بصحة ممتازة وقرة عين لك . حفظهم الله لك
2-حرصك على عدم ضياع البيت، والأبناء
3-توبة زوجك المتكررة وبكاءه لرغبته في عودتك .
أختي الفاضلة : السلام عليكم ورحمه الله وبركاته .
كان الله في عونك الحقيقة ، وكتب لك أجر ما تمرين به من ابتلاء ، ولكن أبشرك بأن الصابرة أجرها على الله سبحانه وتعالى ( واصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين ) سورة هود- 115
والسلوك الصادر من زوجك سلوك غير مقبول، ولك كل الحق في الغضب من زوجك على الطريقة التي يعاملك بها أمام أبناءك واهلك .
وإليك نصيحتي لك في ظل الظروف التي تمرين بها :
1-حاولي أن لا تتخذي أي قرار كردة فعل تجاه تصرفات زوجك . مثل طلبك للطلاق، أو إحداث ضرر معين تجاه زوجك . حاولي أختي الكريمة أن تتريثي في أي قرار ستتخذينه تجاه زوجك ، وفكري جيداً في أثر هذا القرار على أسرتك الصغيرة الآن ولاحقاً ، واستخيري الله على قرارك . هذه نصيحة بشكل عام .
2-من الجيد أن زوجك يعتذر ويبكي ويطلب رجوعك إلى البيت فهذا دليل على أنه يفتقدك ، ويحبك ، وأنه لا يشعر بطعم الحياة بدونك . لكن هذا لا يجيز له أنه كلما لبيت له طلبه بالرجوع للمنزل أن يعود إلى تصرفاته معك .
3-لذا أول خطوة في العلاج هي التحدث مع زوجك والذي يحدثه في الموضوع أهلك في منزلهم ، ومعرفة السبب وراء تصرفاته الغير مقبولة تجاهك مثل ( لماذا تضربها وتجرح مشاعرها ؟ .... لماذا تقول إنك لا تريدها ؟ لماذا طردتها من المنزل مع أبناءك ؟ ) ، ولتسمعي منه ما هي مبرراته لهذا التصرف الغير مقبول ، وإذا عرفت السبب فقد تجدي العلاج لهذه الأسباب .
4-زوجك قد تكون لديه واحدة من هذه المشكلتين :
أ?-مشكلة غضب لا يسيطر عليها ، ويفعل ما يفعل وهو في حالة الغضب ، ثم عندما يهدأ ويفكر جلياً فيما حدث يندم ويبكي على حد قولك .
ب?-أن يكون لدى زوجك مرض نفسي ، نتيجة تربية معينة في السابق ، أو تجارب سلبية حدثت معه ، أو انه يمتلك قناعات غير صحيحة في التعامل بين الزوجين .
5-فإذا كانت الأولى ، فلا بد له من أن يتعلم كيفية السيطرة على غضبه ، وكما هو معروف انه ما أنزل الله من داء إلا وأنزل له شفاء ، ومن الأدوية لعلاج الغضب :
أولا : الاستعاذة بالله من الشيطان
قال تعالى ( وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (فصلت:36). ويقول ابن القيم -رحمه الله تعالى – " وأما الغضب فهو غول العقل يغتاله كما يغتال الذئب الشاة وأعظم ما يفترسه الشيطان عند غضبه وشهوته "
ثانيا : تغيير الحال :
عن أبى ذر -رضي الله عنه -أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال ( إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع .
ثالثا : ترك المخاصمة والسكوت :
عن ابن عباس -رضي الله عنهما -عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أنه قال ( علموا وبشروا ولا تعسروا وإذا غضب أحدكم فليسكت ) . قال ابن رجب -رحمه الله تعالى- " وهذا أيضا دواء عظيم للغضب ؛ لأن الغضبان يصدر منه في حال غضبه من القول ما يندم عليه في حال زوال غضبه كثيرا من السباب وغيره مما يعظم ضرره , فإذا سكت زال هذا الشر كله عنده "
رابعا : الوضوء :
عن عطية السعدي -رضي الله عنه - قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ( إن الغضب من الشيطان ؛ وإن الشيطان خلق من النار ، وإنما تطفأ النار بالماء فإذا غضب أحدكم فليتوضأ )
قال ميمون بن مهران : جاء رجل إلى سلمان -رضي الله عنه -فقال : يا أبا عبد الله أوصني . قال : لا تغضب . قال : أمرتني أن لا أغضب وإنه ليغشاني ما لا أملك . قال : فإن غضبت فاملك لسانك ويدك .
خامساً : أخذ الدروس من الغضب السابق :
فلو استحضر كل واحد منا قبل أن يُنفذ غضبه الحاضر ثمرةَ غضبٍ سابقٍ ندم عليه بعد إنفاذه لما أقدم على ما تمليه عليه نفسه الأمارة بالسوء مرة ثانية , فمنع الغضب أسهل من إصلاح ما يفسده قال ابن حبان –رحمه الله تعالى – " سرعة الغضب من شيم الحمقى كما أن مجانبته من زي العقلاء , والغضب بذر الندم فالمرء على تركه قبل أن يغضب أقدر على إصلاح ما أفسد به بعد الغضب "
سادساً : اجتناب وإزالة أسباب الغضب :
وهنا حاولي أختي الفاضلة إذا ما كان زوجك بالفعل لا يستطيع السيطرة على غضبه أن تساعديه بعدم إثارة الأمور التي تثير غضبه ، وإذا ما أصبح غاضباً أن تذكريه بالأمور التي من شأنها أن تطفئ غضبه ، وأن تخرجي من الغرفة التي يكون متواجداً فيها إلى أن يهدأ ويفكر بعقل ... وكان الله في عونك .
أختي الفاضلة : هذا واقع اخترته لنفسك عندما وافقت على هذا الزوج وأنجبت منه طفلين ، فحاولي قدر المستطاع أن ينجح هذا الزواج بتنمية مدارككما في الثقافة الزوجية ، وتعلم المهارات التي من شأنها تسيير دفة قارب زواجكما نحو بر الأمان ، ومحاولة تجاوز العقبات التي تمر عليكما للوصول للنجاح ، وتربية أبناءكما تربية حسنة .
هذه الحلول كلها إذا ما كان زوجك لديه مشكلة الغضب .
أما إذا كانت المشكلة في أنه مريض نفسياً . فلا بد أن يذهب إلى مستشار نفسي أسري في مدينتك ، ومحاولة علاج زوجك بطرق علمية .
وختاماً . إذا لم تنفع كل هذه الوسائل مع زوجك . واستمر الحال من سيء إلى أسوأ . فلا أحد يرضى لك مثل هذا الوضع . ويحق لك طلب الطلاق من زوجك من المحكمة ، للضرر النفسي والجسدي الذي قد يحصل لك ولأبنائك . لكن تذكري أنه الخيار الأخير بعد بذل كل الأسباب الممكنة لعلاج زوجك . واستخيري بكثرة على قرار مثل هذا ، ومحاولة الحصول على إجابات من زوجك حول سر تعامله معك بهذا الشكل .
أسأل الله عز وجل أن يرزقك السعادة التي تريدينها ، وأن يصلح لك حال زوجك ، وأن يصلح لك أبناءك . آمين .