الرد على الإستشارة:
الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف خلق الله نبينا محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد :
فقد أرسلتِ الرسالة الثالثة وكان نص سؤالكِ هو [جزاك الله خيرا يا شيخ على هذا الإيضاح سؤالي الآن/ ما الذي ممكن عمله ليكون عملي هذا مشروعاً مباركاً ؟؟؟. ].
وقد أجبتُ بالجواب الآتي وأعيده لأهميته :
قد أحسنت أيما إحسان وأصبت كل الإصابة عندما سألت عما يمكنك عمله ليكون عملك مشروعا . فالمؤمنة الطائعة لربها المستسلمة لأمره تقول دائما "بماذا أمرني ربي ؟ وماذا أوجب علي ربي؟" إن هذا السؤال دليل على الإيمان والانقياد لأوامر الرحمن .
وأما المرأة العاصية لربها المعرضة عن شرعه المتسخطة من دينه المتمردة على أوامره تقول : "لماذا أمر الله بكذا ؟ " ومرادها بهذا السؤال الاعتراض على شرع الله تعالى .
بينما المؤمنة تقول : على الله الأمر وعلى الرسول البيان والتبليغ وعلينا الرضا والتسليم مؤمنةً بقوله تعالى : ((لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ)) [الأنبياء : 23]
فالتسليم لأمر الله تعالى من صفات المؤمنات التقيات الصالحات .
فقد روى مسلم في صحيحه عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ "لَمَّا نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ((لِلَّهِ مَا في السَّمَوَاتِ وَمَا في الأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا في أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شيء قَدِيرٌ))
قَالَ فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ثُمَّ بَرَكُوا عَلَى الرُّكَبِ فَقَالُوا أي رَسُولَ اللَّهِ كُلِّفْنَا مِنَ الأَعْمَالِ مَا نُطِيقُ الصَّلاَةُ وَالصِّيَامُ وَالْجِهَادُ وَالصَّدَقَةُ وَقَدْ أُنْزِلَتْ عَلَيْكَ هَذِهِ الآيَةُ وَلاَ نُطِيقُهَا.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَتُرِيدُونَ أَنْ تَقُولُوا كَمَا قَالَ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ مِنْ قَبْلِكُمْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا بَلْ قُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ».
قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ. فَلَمَّا اقْتَرَأَهَا الْقَوْمُ ذَلَّتْ بِهَا أَلْسِنَتُهُمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ في إِثْرِهَا ((آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ))
فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ نَسَخَهَا اللَّهُ تَعَالَى فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ((لاَ يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا)) قَالَ نَعَمْ ((رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا)) قَالَ نَعَمْ ((رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ )) قَالَ نَعَمْ ((وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلاَنَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ)) قَالَ نَعَمْ."
فلتسليمهم لأمر الله تعالى فتح الله عليهم الخيرات والبركات ونسخ عنهم ما يشق عليهم .
وخير ما تجد المؤمنة للتسليم لأمر الله تعالى الرضا والطمأنينة في صدرها .
وبعد هذه المقدمة نقول لك :
أولا : إن عملك هذا لن يكون مشروعا إلا بالفصل التام بين الطاقم النسائي عن الطاقم الرجالي .
ثانيا : الاكتفاء بالكتابة على الورق أو البريد الإلكتروني عند الحاجة لتوفير احتياجات العميلات من دون الرجال .
ثالثا : عدم اجتماع الطاقم النسائي مطلقا مع الطاقم الرجالي . وإذا احتاجت الشركة إلى عقد اجتماع فعليها أن تكتفي بالطاقم الرجالي .
رابعا : على الشركة أن تنفذ هذه الخطوة فورا ولا يجوز لها أن تتأخر أو تتلكأ في التنفيذ بأي حجة كانت .
وإذا لم تستجب الشركة أو تأخرت . وجب عليك طاعة لله وخضوعا لشرعه أن تتركي هذا العمل .
واعلمي رعاك الله أن من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه . وفي هذا قصص كثيرة لا نظن أنك تجهلين ذلك .
وكما تعلمين فحياة الدنيا للمؤمن بلاء ومحنة ليمز الله الخبيث من الطيب قال تعالى : ((أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ))
قال ابن القيم – يرحمه الله - :
"وإذا تأملت حكمته سبحانه فيما ابتلى به عباده وصفوته بما ساقهم به إلى أجلِّ الغايات وأكمل النهايات التي لم يكونوا يعبرون إليها إلا على جسر من الابتلاء والامتحان . وكان ذلك الابتلاء والامتحان عين الكرامة في حقهم ، فصورته صورة ابتلاء وامتحان ، وباطنه فيه الرحمة والنعمة ، فكم لله مِن نعمة جسيمة ومنَّة عظيمة تُجنى من قطوف الابتلاء والامتحان .
فتأمل حال أبينا آدم صلى الله عليه وسلم وما آلت إليه محنته من الاصطفاء والاجتباء والتوبة والهداية ورفعة المنزلة .
وتأمل حال أبينا الثاني نوح صلى الله عليه وسلم وما آلت إليه محنته وصبره على قومه تلك القرون كلها حتى أقر الله عينه ، وأغرق أهل الأرض بدعوته ، وجعل العالم بعده من ذريته ، وجعله خامس خمسة وهم أولو العزم الذين هم أفضل الرسل , وأمَر رسولَه ونبيه محمَّداً أن يصبر كصبره ، وأثنى عليه بالشكر فقال : ( إنه كان عبداً شكوراً ) فوصفه بكمال الصبر والشكر .
ثم تأمل حال أبينا الثالث إبراهيم صلى الله عليه وسلم إمام الحنفاء وشيخ الأنبياء وعمود العالم وخليل رب العالمين من بني آدم ، وتأمل ما آلت إليه محنته وصبره وبذله نفسه لله ، وتأمل كيف آل به بذله لله نفسه ونصره دينه إلى أن اتخذه الله خليلاً لنفسه . وضاعف الله له النسل وبارك فيه وكثر حتى ملئوا الدنيا ، وجعل النبوة والكتاب في ذريته خاصة ، وأخرج منهم محمَّداً صلى الله عليه وسلم وأمَره أن يتبع ملة أبيه إبراهيم .
ثم تأمل حال الكليم موسى عليه السلام وما آلت إليه محنته وفتونه من أول ولادته إلى منتهى أمره حتى كلَّمه الله تكليما ، وقرَّبه منه ، وكتب له التوراة بيده ، ورفعه إلى أعلى السموات ، واحتمل له ما لا يحتمل لغيره ، فإنه رمى الألواح على الأرض حتى تكسرت ، وأخذ بلحية نبي الله هارون وجرَّه إليه ، وخاصم ربه ليلة الإسراء في شأن رسول الله ، وربه يحبه على ذلك كله ، ولا سقط شيء منه من عينه ، ولا سقطت منزلته عنده ، بل هو الوجيه عند الله القريب ، ولولا ما تقدم له من السوابق وتحمل الشدائد والمحن العظام في الله ومقاسات الأمر الشديد بين فرعون وقومه ثم بني إسرائيل وما آذوه به وما صبر عليهم لله : لم يكن ذلك .
ثم تأمل حال المسيح صلى الله عليه وسلم وصبره على قومه واحتماله في الله وما تحمله منهم حتى رفعه الله إليه وطهره من الذين كفروا وانتقم من أعدائه . إلى آخر كلامه رحمه الله تعالى .
وفي الختام نوصيك بارك الله فيك أن تتأملي في قوله تعالى : (( ومن يتق الله يجعل له مخرجاً . ويرزقه من حيث لا يحتسب . ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدراً )) الطلاق/2، 3 .
فتوكلي على الله ولن يضيعك الله .
وفقكِ الله في الدارين ورزقنا الله وإياكِ وكافة المسلمين من واسع فضله ورحمته ، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يذيقنا بردَ عفوه ومغفرته ورضوانه .
وأما بالنسبة للرسالة الرابعة وهي التي ذكرت فيها عدة أمور :
فجوابي عليها على عجالة سريعة :
1 – لا يجوز ولا يصح الاستدلال بحديث عائشة رضي الله عنها الوارد في الصحيحين (( ما خير رسول الله بين أمرين إلاَّ اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً )) .
وذلك لما جاء في الحديث من تقييد التخيير بما لم يكُن إثماً . وعملكِ هذا محرمٌ ما سبقَ بيانه و إيضاحه .
2 – أما عن سؤال أكثر من عالم للبحث عن الأسهل ، فهذا لا يجوز ؛ لأنَّ تتبع الرخص ميل مع أهواء النفوس، والشرع جاء بالنهي عن إتباع الهوى. وقال الإمام أحمد بن حنبل – رحمه الله - : لو أن رجلا عمل بقول أهل الكوفة في النبيذ، وأهل المدينة في السماع، وأهل مكة في المتعة كان فاسقًا.
وحكى البيهقي عن إسماعيل القاضي، قال: دخلت على المعتضد فرفع إليَّ كتابًا لأنظر فيه، وقد جمع فيه الرخص من زلل العلماء، وما احتجَّ به كل واحد منهم، فقلت مُصنّف هذا زنديق، فقال: ألم تصح هذه الأحاديث على ما رويت، فقلت: ولكن من أباح المسكر لم يبح المتعة، ومن أباح المتعة لم يبح الغناء والمسكر، وما من عالم إلا وله زلة، ومن جمع زلل العلماء ثم أخذ بها ذهب دينه، فأمر المعتضد بإحراق ذلك الكتاب .
3 – و أما قول بعض أهل العلم بالسؤال عن المسائل الخلافية أن تسأل من ترتاح إليه : فهذا المرادُ منه : أنَّ المستفتي عن الحكم الشرعي لا يسأل إلاَّ الثقة المأمون في ديانته المعروف بالعلم وبأخذ العلم عن أهل العلم الموثوق بهم ، وليس المرادُ أن يسأل السائل ثم يسأل آخر ويأخذ بما يرتاح إليه .
وهذا عدم فهم لكلام العلماء . فاحذري من إتباع الهوى .
4 – و أما عن إغلاظ المرأة لصوتها فكما تظنين أنَّ فيه إذهابا لأنوثتها ، فأقول :
إن كنتِ حريصة على أنوثتكِ فلا تخالطي الرجال في عملكِ ففي سنن أبي داود - (ج 14 / ص 16) عن حمزة بن أبي أسيد الأنصاري عن أبيه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو خارج من المسجد فاختلط الرجال مع النساء في الطريق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء استأخرن فإنه ليس لكن أن تحققن الطريق عليكن بحافات الطريق فكانت المرأة تلتصق بالجدار حتى إن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها به .
ووجه الدلالة: أن الرسول صلى الله عليه وسلم حرص على قطع كل سبب للاختلاط وإن كان غرض الخروج أداء الفرض فكيف يسوغ في غيره، وإذا منعهن من الاختلاط العابر في الطريق إلى المسجد والمؤقت في داخل المسجد لأنه يؤدي إلى الافتنان، فكيف يقال بجواز الاختلاط في غيره؟ .[ الاختلاط بين الواقع و التشريع ، صـ 30 وما بعدها ] .
فالمرأة التي تمشي وسط الطريق لتزاحم الرجال هي التي يظنُ بها لتذهب أنوثتها ، ولذلك منعَ من ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم مشي النساء في وسط الطريق .
5 – وأما عن تعليم بعض البرامج على الحاسب من الرجل الأجنبي فهذا ليس من الضرورة في شيء ؛ فيمكنكنَّ التعليم عبر الأفلام المصورة وهي موجودة عبر جميع برامج الحاسب ، وإذا لم تكن موجودة فيمكن توفيرها عبر التصوير .
6 – أما ما ذكرته عن : سيدات الأعمال ، وعن الطبيبات في المستشفيات
فهذا قد سبقَ أن أجبتُ عنه في الرسالة الأولى والثانية من أنه لا تجوز معارضة النصوص الشرعية بحجة الوقوع في زماننا ، وقد ذكرتُ أنَّ شيوع المنكرات والمعاصي أنه لا يدلُ على تجويزها شرعاً ؛ بحجة أنَّ الناس كلهم قد فعلوا ذلك !! .
7 –أما قولكِ هل هذه الأعمال تتعارض مع دخول الجنة ، فأقول : الاختلاط من جملة المعاصي التي هي دون الكفر ، فقد يتوب الله على من فعلها فيدخل الجنة ابتداءً .وإما يعذب الله تعالى فاعل المعصية إذا لم يتب منها . لكن مع ذلك لا يجوز الوقوع في المعصية بحجة سعة رحمة الله ، وأنَّ مغفرة الله واسعة ونحو ذلك ؛ بل رحمة الله قريبٌ من المحسنين ، ومن الإحسان موافقة شرع الله تبارك وتعالى .وقد أشرتُ لهذا الأمر في الرسالة الثانية .
8 –أما عن انشراحكِ لصلاة الاستخارة ، فهذا الجواب عنه من أمرين :
الأمر الأول : أنَّ الاستخارة لا تشرع ولا تجوزُ في المعاصي والمحرمات والآثام ، ولا تكونُ كذلك في الأمور الواجبة – في الأصل – لأنَّ ما وجبَ فيجب فعله ، وما حرمَّ فيجب الامتناع عنه .
الأمر الثاني : أنَّ حصول الانشراح بعد صلاة الاستخارة ليس دليلاً على الجواز ، فلم يأتِ في السنة أنَّ المستخير ينشرح صدره أو نحوه مما يفعله كثير من العوام .
والشيء بالشيء يذكر ، أنبه على خطأ كثير من العوام الذين يقولون ويظنون أنهم لا بدَّ أن يروا رؤيا تؤيدُ أو تمنع من الأمر الذي استخاروا من أجله .
9 – و أما عن حال صديقتكِ وعن حزنكِ عليها ، فأقول :
الأولى بالعاقل أن ينصحَ نفسه ، وأن ينهى نفسه قبل غيره ، وكيف يريدُ الإنسان النجاة لغيره وهو لا يزالُ في المعصية غارقاً ؟! .
إنَّ هذا مسلكٌ شيطاني ، يدخل به الشيطان على البعض و يقول له : انصح فلانا من الناس فإنه يفعل كذا وكذا ؛ حتى يشغله عن نفسه التي بين جنبيه ، وحتى كذلك يرى أنَّ نفسه أفضلُ حالاً من حال غيره .
فاحذري مكائد الشيطان ومصائده والوقوع في حبائله ((إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ )) [فاطر : 6] .
10 – وفي الختام : أودُّ التنبيه على خطورة إتباع الهوى ، قال تبارك وتعالى : (( يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ))[صـ : 26] .
وإنما سمي الهوى بهذا الاسم ; لأنه يهوي بصاحبه إلى النار , ولا شك أن في مخالفة النفوس لهواها ( اعتزازها ) أي قوتها ومنعتها من الشيطان وجنوده وعدم ذلها لعدو الله الشيطان .
وابشري ببشارة الله إن خالفتِ الهوى والشيطان وتركت معصية الاختلاط بقوله تبارك وتعالى : (( وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى )).
وأما إذا أردتِ الاستمرار وموافقة الهوى والنفس والشيطان ، فهنا أقولُ بأني لا أملك الهداية لكِ ؛ لأنها فضلٌ من عند الله تبارك وتعالى يعطيها من يشاء ، قال سبحانه وتعالى : ((أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً )) [الفرقان : 43] .
قال ابن سعدي – رحمه الله – في تفسيره - (ج 1 / ص 583) [ أي: لست عليه بمسيطر مسلط بل إنما أنت منذر، وقد قمت بوظيفتك وحسابه على الله] .
وصلى الله وسلم على محمد . والله يهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيم .