الرد على الإستشارة:
بسم الله الرحمن الرحيم .
ابنتي ديمة :
السلام عليك ورحمة الله وبركاته .
قرأت رسالتك يا ابنتي بتمعن، واللوعة والأسى يعتصران قلبي على ما تعانين منه أنت وأختك من مشاعر معاملة أبيكما لكما.
يا ابنتي :
يذكر الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أن خير طفل بين أبوين، أي أن البيئة الصالحة لنمو الأطفال والأولاد هو بين أبوين.
أما حين يختلف الآباء وينعدم الاستقرار في البيوت فإنه يحصل الفراق والطلاق، وهو أبعض الحلال إلى الله تعالى، وتبدأ رحلة المعاناة وينعكس هذا الواقع سلباً على الأولاد ، وإذا ما حصل زواج آخر من طرف الأم أو الأب وأثمر أولاداً فإن الأولاد أبناء الزواج الأول ينضمون إلى بعضهم – كما في مثل حالتك مع أختك- ويرقبون – في اللاوعي الموجود عندهم- كيفية المعاملة التي تكون من قبل أحد آبائهم أباً أو أماً، لأولادهم الناتجين عن زواج ثان، وإذا ما كانت المعاملة حسنة وأحسن من معاملتهم لهم، فإن ذلك ينعكس سلباً على نفسيتهم.
وتلعب الأم دوراً كبيراً لِلَمِّ شمل أولادها السابقين واللاحقين من زواج ثانٍ وتذهب إلى ترقيق وتحنين الأب أو الزوج الثاني على أولادها السابقين، وكثيراً ما يتأثر الرجل بتأثر زوجته.
والحال ينعكس سلباً بصورة عامة من الأب تجاه أولاده من زواج سابق ، وآخر لاحق من زوجة ثانية.
لذلك تكمن المعاناة بعدة أسباب:
1-إن الأولاد هم ثمرة زواج سابق لم يكتب له النجاح، وإذا ما كان هناك بُغْضٌ من الزوج لطليقته فإن الأولاد يدفعون الثمن.
2-البنات في مثل سنك وسن أختك بحاجة إلى الحنان الزائد والإصغاء للمشاكل والصعوبات التي تعترضهم في يومهم من قبل جهة حنونة متمثلة بالأهل، وهذا ما لم يحصل.
3-المراقبة لتصرفات الوالد حيال أولاده من زواجه الثاني نمّى الفرقة المشاعرية بين البنات والأب.
4-هناك بعض البيئات في بلادنا العربية تفضل الذكر على الأنثى في التربية والمعاملة وربما كنت ممن يندرجون تحت هذه الفئة فتكون عامل مساعد للبعد عن أبيك.
أما العلاج فيكمن بوقفة ضمير حي بينك وبين نفسك حينما تكونين بوضع نفسي جيد، وتستحضري سلوك أبيك ومعاملته لك ولأختك. ألم يدفع نفقات التعليم، ألم يجلب الطعام والشراب، ألم يدفع فواتير الهاتف والكهرباء والأشياء الأخرى، ألم يدفع نفقات كسوة ضرورية، ونفقات طبية حينما يلزم الأمر، ألم يجلب خادمة للمساعدة بشؤون البيت ؟
فإن كان قد قصر في بعض الحاجيات والإكسسوارات التي يجب أن تملكيها كالبنات في مثل سنك فإنه ربما لم يعرف بمقتضاها كما كثير من الرجال الذين يفعلون بعد لفت نظرهم مرات ومرات.
وإذا كان قد قصر في اصطحابك وأختك معه ومع زوجته وأولاده الصغار فربما المكان الذي يريد الذهاب إليه لا ترغبين أنت وأختك بالذهاب إليه.
لذلك يجب معالجة الأمر عبر :
1-مقابلة أبيك بوجه حسن، وخالقيه بخلق حسن، وقبليه وقبلي يده، واعملي ما يسره ولا تكثري التذمر والشكوى بحضوره ، فالرجل يبقى رجلاً أكان أباً أم زوجاً أم أخاً أم ابناً شاباً فإنه يستمع إلى المشكلة مرة بإصغاء، وفي المرة الثانية يبدأ بالتململ، وفي المرة الثالثة يتذمّر وينفر ممن حوله.
2-المشاكل التي تريدين حلها معه اعرضيها على من يؤثر عليه وربما كانت زوجته الثانية، أو ربما كانت أختك المتزوجة معك في المدينة، أو ربما كان عمك أو ما شابه.
3-لا تناقشي معه أياً من طلباتك واتركي الأمر للذي يؤثر عليه بعد عرض المشكلة عليه لمرة واحدة.
4-تسلحي بالدعاء لتحسين الوضع العائلي خاصة في سجودك في جوف الليل.
5-إنك على أبواب الزواج أنت وأختك وربما تنعمين بزوج صالح إن شاء الله، وعسى أن يغير ما بك إلى الوضع الأحسن والأنسب. فالله قريب يا ابنتي مجيب للدعاء وتذكري ما حصل مع نبي الله موسى حينما دعا الله بعد هروبه من جبروت فرعون ووصل إلى ظل شجرة بعد سفر متواصل لا طعام فيه ولا شراب، قال تعالى على لسانه : ( قال رب إني لما أنزلت إليّ من خير فقير ) (سورة القصص، الآية 24) فرزقه الله تعالى بإحدى بنات الرجل الصالح في مدين.
والله الموفق , والسلام عليك ورحمة الله وبركاته .