الرد على الإستشارة:
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله .
حيّاك الله أختي الكريمة وأسأل الله تعالى أن يفرّج مابك ويهدي زوجك.
اطلعت على رسالتك ..المليئة بتلك المشاعر الراقية .
عزيزتي :
رسالتك كان تدور حول محور أساسيّ وهو شرب زوجك للخمر وأثر ذلك على حياتك معه واستقرار بيتك وأولادك .
تبيّن لي من رسالتك محبّتك لهذا الزوج لكن أفعاله وشربه يعكّر عليك صفو هذه المحبّة .
غاليتي :الوضع الذي تعيشينه معه ليس بالهيّن فهذه المعصية أثرها متعدّ وليست خاصّة بصاحبها لذلك فهي لا تؤثّر عليه فقط بل عليك وعلى أولادك وبيتك .
فإن أردت إصلاحا لهذا الحال فعليك أن تشدّي العزم لتمسكي بزمام السفينة لتعيديها إلى مسارها الصحيح وهذا يحتاج لجهد ووقت أنت بإذن الله أهل له مع ما تملكين من صبر وقوّة وحبّ
وازني طاقاتك ...بين الحبّ والعقل والقوّة واسلكي دربك بعزيمة كالجبال يا حبيبة .
وقد تبيّن لي من خلال رسالتك نقاط إيجابية تسهّل عمليّة حلّنا للمشكلة أهمّها:
1-اعتراف زوجك بشربه وشعوره بالذنب وذلك من قولك (هو حس بذنبه لما صحا وأخذ يعتذر لي ويقول إنه ما يقصد) .
2-أنّه يعدك بتركه ويحاول وذلك من قولك ( ويعدني بتركه ويرجع له مرة ثانية) وقولك (وراح يترك الخمر ووووألخ ... ويعدني يومين ويعود للشرب)
فاعترافه عزيزتي وشعوره بالذنب ووعده لك بتركه وتطبيق ذلك بتركه يومان ثمّ العودة كلّه يشير على حرصه على علاقتكما وتعلّقه بكم ولكن لعلّه حتى الآن لم يواجه بحلول عملية تساعده على ترك هذا الإدمان .
لذلك دعيني أطرح عليك بعض الحلول والتي أسأل الله تعالى أن ينفعك بها :
1-الدعــاء:
توجهي حبيبتي إلى الدعاء فهو من أقوى الأسلحة .اسألي الله تعالى أن يصلحه ويهديه ويبغّض إليه الشرب ويعينك على الأخذ بيده إلى طريق الاستقامة والصلاح وتوجهي إليه في الثلث الأخير من الليل فما تكاد تردّ دعوة عبد صدق في ذلك .
2-محاولة ربطه بصحبة صالحة:
انظري في محيطك أخيتي وتخيّري رجالا صالحين مستقيمين سواء كانوا من إخوانك أو إخوانه أو أحد أزواج زميلاتك أو من أقرباءكم..تكلّمي مع زوجته ولا تبوحي لها بأيّ شيء عنه سوى أن تقترحي عليها الخروج في نزهة جماعية وأن تطلبي منها أن يسعى زوجها أو أخوها في توطيد علاقته معه ومحاولة جذبه إلى صحبته .
3-اسلكي طريق الاستقامة والصلاح:
كوني قريبة من الله أكثر بالعبادة والتوجّه إليه وترك المعاصي مهما استصغرتها ياحبيبة وتوبي إلى الله منها وكلّنا خطاءون وخير الخطاءين التوابون .
دعيه يرى إقبالك على الله عزّ وجلّ وتقرّبك منه ..دعيه يرى صلواتك وخلواتك في الليل دعيه يرى حرصك على تجنّب المعصية وتربية أولادك التربية الصالحة ,
صدّقيني هو سيخجل من نفسه وحاله ....أمّا إن رأى تهاونا ممّن حوله وإن كانت المعاصي تلك لا تقارن بمعصية ستهون عنده أفعاله لأنّه ينظر إليها بتهاون حاله كحال غيره من العصاة مع تفاوت عظم هذه المعاصي .
4-الحديث معه :
تخيّري وقتا وزمنا مناسبين ..أعدّي مثل ذلك الحفل الذي تكلمت عنه أو اعزميه على العشاء في مكان هادئ لوحدكما..قد يتخلّف كما فعل سابقا ..لكن كوني قويّة وصبورة ولا تيأسي حتى تجدي ذلك الوقت المناسب .
كلّميه عن حبّك وحبّ أولادك له وتعلّق الأسرة كلّها به ثمّ حدّثيه عن أضرار هذه المعصية عليك وعلى أبناءك وعلى تربيتهم وأنّّ الأمر إن استمرّ على هذا الحال فلن يخفى على الأولاد وهو لاشكّ لن يقبل بأن يقع أولاده فيما وقع هو فيه .
حدُثيه بصفة المشفق المحبّ ..أخبريه أنّك ستساعدينه بعون الله في التخلّص من هذا الإدمان والوقوف معه وأنّك تحتاجين منه إلى صدق في العزيمة وقوّة .
حرّكي جانب الرجولة فيه ...قولي له أنا أثق أنّ رجولتك وقوّتك ليست ضعيفة ليغلبك هذا الإدمان وتضعف عن تركه فالأمر حسّاس عند الرجال جدّا .
ثمّ أخبريه عن نعيم الجنّة وأنهار خمرها وأنّ من يشرب الخمر في الدنيا لا يذوقها في الآخرة وهي خير من هذه فهي لا تسكر ولا تضرّ .
ثمّ عرجي على تحريم هذا الشرب وأنّه من الكبائر وأنّك تخشين عليه سوء الخاتمة بسبب هذا الشرب وأنّ كثيرا ممن اشتهرت قصصهم قبضت أرواحهم وهم سكرا ومثال ذلك مقطع الفيديو للحادث الذي كان أصحابه موتى في السيارة وعلب الخمر حولهم متدفقة ورائحته تفوح من المكان ..فهل يقبل أن يلقى الله عزّ وجلّ على هذه الحال؟ .
ولا تنسي أن تعرجي على أهميّة الصلاة وأنّها عمود الدّين ,واحرصي على إيقاظه لها بلطف إن كان نائما .
5-الأشرطة والكتيّبات والقصص:
خذي جولة لشراء مجموعة من أشرطة المحاضرات التي تتحدّث عن المعصية وآثارها على العباد والتي تحوي قصصا للتائبين والعائدين إلى الله , وفي جولتك ستجدين قصصا واقعية في كتيبات صغيرة تدور حول ذلك اشتريها .
ثمّ تخيّري وقتا مناسبا لتشغيل الأشرطة في السيارة إن كنتم في طريق طويل وقبل النوم اقرئي له شيئا من هذه القصص ...و لك أن تسمعي وتقرئي منها ثمّ إذا اجتمعتم مع أحد تحدّثي بعفوية وتكلّمي عن هذه القصص التي سمعتها أو قرأتها دون أن يشعر أنّها موجهة ومقصودة .
6-ربّي أبناءك على دعوة والدهم ليشاركهم الطاعة:
ربّي أبناءك على حفظ القرآن الكريم والحرص على الصلاة في وقتها وإن كنت ترين أعمارهم صغيرة فكم من آباء كان سبب هدايتهم عفوية أبناءهم في دعوتهم لمشاركتهم الطاعة .
حفّظيها سورة صغيرة من القرآن الكريم ..واطلبي منها أن تذهب لوالدها ليسمّعها لها غيبا دون أن يعلم بأنّك من أرسلتها .
أخبريها بأن تطلب منه سماع صوته بالقرآن وأنّها تتمنّى أن تراه كإمام مسجدكم ,فلا تعلمي ...لعلّ كلمة بسيطة تخرج من فاه هذه الطاهرة تكون سببا لهدايته بعد الله عزّ وجلّ .
هذه بعض الحلول , والمجال واسع أمامك غاليتي .
أسأل الله تعالى أن يصلح زوجك ويهديه ويخلصه من هذا الداء ويديم على بيتكم الأمن والاستقرار ويقرّ أعينكم بالذريّة الصالحة .
هذا والله أعلم وصلّى الله على نبيّنا محمّد وعلى آله وصحبه وسلّم .