الرد على الإستشارة:
أشكر لك أخي الكريم هذه الثقة الجميلة في هذا الموقع وأساله سبحانه أن يمُن علينا وعليك بسعادة الدارين أنه ولي ذلك والقادر عليه .
أخي الكريم : بالنسبة لما ذكرته من علاقتك مع زوجتك أنت لم تذكر كم من المدة لكما مُتزوجين ، لكن عموماً عليك أن تنتبه لعدة مسائل ، وتوصلها لزوجتك :
المسألة الأولى : ليس من الضروري أن يكون الزوجان مُتفقين في كل شيء ، بل قد يكون الزوج صاحب شخصية مرحة وتكون الزوجة انطوائية أو يكون الزوج ذا أسلوب مُباشر في الحديث وتكون الزوجة ممن يُحب التمهيد والتأني ، وهذا وارد في كثير من الحالات الزوجية ، وهو لا يُشكل خلالاً في العلاقات الزوجية ما لم يُنتبه لأمر واحد : عندما يكون هناك مواقف تتقاطع فيها العلاقات أو الشخصيات فلا بد أن يكون هناك اتفاق بينهما ، فمثلاً عند النوم أو في الفراش لا بد أن يكون الزوجان مٌتفقان , عند تربية الأبناء لا بد أن يكون الزوجان مُتفقان على الأسلوب الأمثل ، عندما يكون الزوجان بين جمهور من الناس مثل أهل الزوجة أو أهل الزوج فلا بد أن تكون شخصياتهما مٌتفقة ومُتناغمة ، كذلك عندما يحتاج أحدهما للأخر إن في مجال التنفيس أو عند الهموم أو الاستشارة ، ما سوى ذلك أخي الكريم نحن لا نطلب من الزوجة أن تكون مرآة للزوج وصورة طبق الأصل عنه ، فهذا مما لا يطيقه أحد .
المسألة الثانية : المرأة أخي الكريم كائن مليء بالعواطف ، مليء بدرجة أنها تتحكم بكثير من تصرفاته ، بعكس الرجل الذي يغلب جانب العقل غالباً ويستطيع أن يتغلب على مشاعره، ومع أن هذا الباب يراه بعض الرجال عيباً لكنه من جهة أخرى هو المفتاح الأمثل للدخول على قلب المرأة والتأثير عليها ، فعليك أن تنهج هذا النهج وتعالج العواطف التي في قلب زوجتك ، وهذا أمر له عدة صور ، ليست ( القُبلة المحمومة ) وحدها هي الصورة الوحيدة للعاطفة وليست كلمة ( أحبك ) ، وليست الهدية ، أو باقة ورد ، أو بطاقة مُعطرة ، أو ثناء على الشكل والصورة ، أو ثناء على العمل والإنتاج ، أو مُشاركة الهموم ، أو كثير من الصور العاطفية الأخرى ، ليست وحدها تكفي لتتسلل إلى قلب زوجتك ، بل كُلها مُجتمعة ، وغيرها كثير مما يتفتق عنه ذهن الزوج ، كلها تساهم في المُساعدة على الدخول إلى قلب الزوجة ، وما يدريك أخي الكريم لعل غضبها الدائم والمُستمر فيما هو صواب أو غير صواب بسبب عجزها عن التعبير عما في دواخل نفسها لأنها – ربما – لا تجد الشخص الذي يستمع إليها فتلجأ لهذا الأسلوب ، وهذا بدوره يجرنا للنقطة التالية .
المسالة الثالثة : الزوجة أخي الكريم تتكلم لتتنفس ، الزوج يتكلم ليعالج ويداوي ، وهذا أمر عليك أن تعيه جيداً ، فبعض الأزواج يعتقد أنه عندما يسمع هماً أو شكوى من زوجته فإنها تريد الحل ، والواقع أنها تريد أن تتنفس ، وتُخفف عنها هذا الهم ، وليس المُهم هو الحل بالدرجة الأولى ، واستمع معي إلى هذه الحادثة التي وقعت لزوجة النبي صلى الله عليه وسلم - عائشة الصديقة - : تقول عائشة وقد أخذ منها الهم والغم والبكاء كل مأخذ في حادثة الإفك ، ( فبينما هما جالسان عندي وأنا أبكي فاستأذنت على امرأة من الأنصار فأذنت لها فجلست تبكي معي ) لاحظ أخي الكريم أن المرأة تريد من يشاركها الهم بالدرجة الأولى ، ولا تريد من يرشدها إلى الحل دوماً .
أخي الكريم : أعتقد أنه عليك أن تجلس مع زوجتك وترتب أفكارك وتذكر لها ما تريد منها بالتحديد من دون مُبالغة ، ولا مانع أن تكتُبه في ورقة وتعلقه في المخدع ، حتى تراه دوماً ، وحاول أن تكون طلباتك منطقية ، وأن تحتسب الأجر والصبر من عند الله عز وجل ، فلذة الحياة تكون في المجاهدة والبذل وليست في تيسيرها دائماً ،( والدتك , أنت , بيتك , هي وطلباتها ) كل هذه الأمور بين لها الحد الأقل الذي ترغب فيه وتريدها أن تصل إليه ، قُربة لله أولاً ورضا منك ثانياً ، ثم بعد ذلك بين لها أن قلبك مفتوح لها دوماً وأن همها همك ، وما يسوؤها يسوؤك .
أتمنى لك التوفيق أخي الحبيب ، وحياة هانئة مُستقرة .
ودمت بود .